للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.........

وقال السّيوطي: كلّ من وقع في كلامه من العلماء كراهة للطيلسان وكونه شعارا لليهود؛ إنّما أراد المقوّر الّذي على شكل الطرحة؛ يرسل من وراء الظّهر والجانبين من غير إدارة تحت الحنك، ولا إلقاء لطرفيه على الكتفين.

وأما المربّع الذي يدار من تحت الحنك ويغطي الرّأس وأكثر الوجه ويجعل طرفاه على الكتفين! فلا خلاف أنه سنة. انتهى. نقله الزرقاني على «المواهب» .

قال المناوي في شرح «الشّمائل» : ووقع في أكثر الأحاديث التعبير عن التّطيلس بالتقنّع، وعن الطّيلسان بالقناع.

ومن ثمّ قال الحافظ ابن حجر في مجيء المصطفى صلّى الله عليه وسلم لبيت الصّدّيق متقنّعا أي: مطيلسا رأسه-: هذا أصل لبس الطّيلسان. قال: والتقنّع: تغطية الرّأس وأكثر الوجه برداء أو غيره، وصرّحوا بأنّ القناع الّذي يحصل به التقنّع الحقيقيّ: هو الرداء، وهو يسمّى «طيلسانا» ، كما أن الطّيلسان قد يسمّى «رداء» .

ومن ثمّ قال ابن الأثير: الرّداء يسمّى الآن «طيلسانا» . فما على الرّأس مع التّحنيك: الطّيلسان الحقيقي، ويسمّى «رداء» مجازا. وما على الأكتاف: هو الرّداء الحقيقي، ويسمّى «طيلسانا» مجازا. وصحّ عن ابن مسعود- وله حكم المرفوع-: «التّقنّع من أخلاق الأنبياء» . وفي خبر أنّ: «التّقنّع باللّيل ريبة» .

وفي خبر: «لا يتقنّع إلّا من استكمل الحكمة في قوله وفعله» . وأخذ من ذلك:

أنّه ينبغي أن يكون للعلماء شعار مختصّ بهم؛ ليعرفوا فيسألوا ويمتثل ما أمروا به ونهوا عنه.

وللطّيلسان فوائد جليلة: فيها صلاح الظّاهر والباطن؛ كالاستحياء من الله والخوف منه، إذ تغطية الرّأس شأن الخائف الآبق الّذي لا ناصر له ولا معين، ولجمعه للفكر لكونه يغطّي أكثر الوجه، فتندفع عن صاحبه مفاسد كثيرة، وتجتمع همّته؛ فيحضر قلبه مع ربّه ويمتلىء بشهوده وذكره، وتصان جوارحه عن المخالفات، ونفسه عن الشّهوات، وهذه أسباب لإفاضة أنواع الجلالة والمهابة، ولذلك قال بعض الصّوفية: الطّيلسان الخلوة الصّغرى. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>