للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.........

ويحتمل أن تكون المناسبة في تسمية النوع والجنس ب «العالم» أنّ لهما من الفصول والخواصّ ما يعلمان به. ونقله المتكلمون إلى كلّ حادث.

والمناسبة في هذه التسمية: أن كلّ حادث فيه علامة تميّزه عن موجده المولى القديم، حتّى لا يلتبس به أصلا، ولهذا ردّ مولانا جلّ وعلا على الضالين الذين جعلوا له شركاء من الحوادث، فقال تعالى (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ) [الرعد/ ٣٣] أي: اذكروا أوصافهم حتى ينظر أفيها ما يصلح للألوهية؛ أم لا!!.

ويحتمل أن تكون المناسبة أنّ كلّ حادث يحصل العلم للناظر فيه بما يجب للمولى العظيم من عليّ الصفات، وتنزّهه عن سمات المحدثات. فالمناسبة الأولى تقتضي أن العالم مأخوذ من العلامة، والمناسبة الثانية تقتضي أنّه مأخوذ من العلم.

وقد أشعر قوله «ربّ العالمين» أنّ التربية كلّها- وهي: إيصال كلّ حادث إلى كماله الذي أريد له- ليست إلّا من المولى تبارك وتعالى.

وهذه التربية على قسمين: عامة؛ وخاصّة.

فالعامّة: التربية بالإيجاد والتنمية والإمداد بالحياة والحواسّ وغيرهما مما هو مشترك بين عموم الأجساد.

والخاصّة: التربية الروحانية بالعلوم والمعارف العلمية والعملية، وضبط الحركات والسّكنات للجري على مقتضاهما. وهذه التربية هي العزيزة الشريفة الموصلة إلى الفوز برضا مولانا جلّ وعلا، والتمتّع بما لا يحاط بوصفه من نعيم الجنان أبد الآباد، وقد جعل الله سبحانه هذه التربية الخاصّة لا تحصل لأحد من أهل الأرض إلّا على أيدي الرسل عليهم الصلاة والسلام، وجعل الحاصل منها على يد نبينا ومولانا محمد صلّى الله عليه وسلم الحظّ الأوفر والنصيب الأكثر؛ مع سهولة فيها وقلّة معاناة، كما قال تعالى (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [البقرة/ ١٨٥] ، وقال في

<<  <  ج: ص:  >  >>