للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حمدا يوافي نعمه، ويكافىء مزيده، ...

وصف أمّة نبينا محمد صلّى الله عليه وسلم (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) [الأعراف/ ١٥٧] ، وقد عرف كثرة من تربّى على يده صلّى الله عليه وسلم هذه التربية الخاصّة من حديث ورد بأن أهل الجنة مائة وعشرون صفا؛ ثمانون صفا منها لهذه الأمة، ولعلهم إن كانوا ثلثي أهل الجنة يكون لهم من الجنة ونعيمها أكثر من الثلثين؛ كثلاثة أرباع أو تسعة أعشار أو نحو ذلك، لما علم من تخصيص المولى تبارك وتعالى لهم بكرامة تضعيف الثواب لهم بالعمل والزمان والمكان والحال، فلم ينل غيرهم من الجنة إلّا اليسير، فكأنها إنما خلقت لهم ومن أجلهم.

(حمدا) ؛ أي: حمدت حمدا (يوافي نعمه) أي: يقابلها ويوجد معها بحيث يكون بقدرها؛ فلا تقع نعمة إلّا مقابلة بهذا الحمد، بحيث يكون الحمد بإزاء جميع النعم، وهذا على سبيل المبالغة بحسب ما ترجّاه، وإلّا! فكل نعمة تحتاج لحمد مستقلّ.

والنّعم جمع نعمة؛ وهي: ملائم تحمد عاقبته. ومن ثمّ قيل: لا نعمة لله على كافر، وإنما ملاذّة استدراج.

(ويكافىء) - بهمز في آخره- (مزيده) المزيد: مصدر ميمي؛ من (زاده الله النعم) أي: حمدا يساوي ويطابق نعمه التي أنعم بها علينا، المزيدة على نعم سائر الأمم الماضية؛ كفضل يوم الجمعة، وصيرورة وجه الأرض مسجدا، والتراب طهورا- مثلا-، مطابقة النعل بالنعل؛ لا ينقص عنها بأدنى نقصان.

قال أصحابنا؛ كالقاضي حسين والمتولي وإمام الحرمين والغزالي: لو حلف إنسان (ليحمدنّ الله تعالى بمجامع الحمد) ، ومنهم من قال: ب «أجلّ التحاميد» ؛ فطريقه في برّ يمينه أن يقول «الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافىء مزيده» . قال في «الروضة» : وليس لهذه المسألة دليل معتمد، أي: من الأحاديث، وإلّا! فدليله من حيث المعنى ظاهر؛ نقله ابن حجر في «الإمداد» .

<<  <  ج: ص:  >  >>