للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يرخي إزاره من بين يديه، ويرفعه من ورائه.

وقد أخرج أصحاب «السنن» إلّا الترمذيّ واستغربه، وابن أبي شيبة؛ من طريق عبد العزيز بن أبي رواد؛ عن سالم بن عبد الله بن عمر؛ عن أبيه، عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنّه قال: «الإسبال في الإزار والقميص والعمامة، من جرّ منها شيئا خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» فبيّن في هذه الرواية أنّ الحكم ليس خاصّا بالإزار؛ وإن جاء في أكثر طرق الأحاديث بلفظ «الإزار» . قال ابن جرير الطبري:

إنّما ورد الخبر بلفظ «الإزار» !! لأنّ أكثر الناس في عهده صلّى الله عليه وسلم كانوا يلبسون الأزر والأردية، فلما لبس الناس القميص والدرائع؛ كان حكمها حكم الإزار في النهي.

قال ابن بطّال؛ تعقّبا على ابن جرير: هذا قياس صحيح لو لم يأت النصّ بالثوب، فإنّه يشمل جميع ذلك، فلا داعية للقياس مع وجود النصّ.

وفي تصوير جرّ العمامة نظر، إذ لا يتأتّى جرّها على الأرض كالثوب والإزار، إلا أن يكون المراد ما جرت به عادة العرب من إرخاء العذبات!! لأنّ جرّ كلّ شيء بحسبه، فمهما زاد على العادة في ذلك كان من الإسبال.

وهل يدخل في الزجر من جرّ الثوب تطويل أكمام القميص ونحوه، أم لا يدخل!؟ محلّ نظر لعدم النصّ عليه. والذي يظهر أنّ من أطالها حتّى خرج عن العادة كما يفعله بعض الحجازيين وغيرهم؛ كفلّاحي مصر دخل في ذلك.

وقال الزين العراقي: ما مسّ الأرض منها لا شكّ في تحريمه، بل لو قيل بتحريم ما زاد على المعتاد لم يبعد. انتهى؛ من «المواهب» وشرحها.

(و) أخرج ابن سعد في «طبقاته» ؛ عن يزيد بن أبي حبيب البصري «١» مرسلا: (كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يرخي) - من أرخى- (إزاره من بين يديه، ويرفعه من ورائه) حال المشي؛ لئلا يصيبه نحو قذر؛ أو شوك.


(١) هكذا في الأصل، ولعله: (المصري) .

<<  <  ج: ص:  >  >>