وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا تغدّى.. لم يتعشّ، وإذا تعشّى.. لم يتغدّ.
قال القسطلّانيّ في «المواهب اللّدنّيّة» : (قد استشكل كونه عليه الصّلاة والسّلام وأصحابه كانوا يطوون الأيّام جوعا؛ مع ما ثبت: فلا يلتفت لذلك. انتهى «عزيزي» . قال الشيخ: حديث صحيح. انتهى «منه» .
(و) أخرج أبو نعيم في «الحلية» بإسناد ضعيف؛ عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال:
(كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا تغدّى) - بالدال المهملة- بدليل مقابلته بالعشاء، إذ هو بالذال المعجمة شامل للغداء والعشاء، والغداء- بالمهملة-: من طلوع الشمس إلى الزوال، وبعد الزوال يسمّى عشاء؛ قاله الحفني على «الجامع الصغير» .
(لم يتعشّ، وإذا تعشّى لم يتغدّ) أي: لا يأكل في يوم مرتين؛ تنزّها عن الدنيا، وتقوّيا على العبادة، وتقديما للمحتاج على نفسه.
وفي قلة الأكل فوائد. منها: رقة القلب، وقوة الفهم والإدراك، وصحّة البدن ودفع الأمراض؛ فإن سببها كثرة الأكل.
ومنها: خفّة المؤونة، فإن من تعوّد قلّة الأكل كفاه من المال قدر يسير.
ومنها: التمكّن من التصدق بما فضل من الأطعمة على الفقراء والمساكين. وليس للعبد من ماله إلّا ما تصدق فأبقى أو أكل فأفنى أو لبس فأبلى. انتهى «عزيزي» .
(قال) العلامة الحافظ شهاب الدين: أبو العباس أحمد بن محمد (القسطلّانيّ) رحمه الله تعالى (في) كتاب ( «المواهب اللّدنّيّة» ) ؛ في النّوع الأول من «الفصل الثالث» ، الكائن في المقصد الثالث:
(قد استشكل كونه عليه الصّلاة والسّلام و) كون (أصحابه) - فهو بالجر؛ عطفا على الضمير، ويجوز نصبه مفعولا معه- (كانوا يطوون الأيّام جوعا؛ مع ما ثبت: