قال القسطلّاني:(واعلم أنّ الشّبع بدعة ظهرت بعد القرن الأوّل.
وقد روى النّسائيّ ...
وليس في هذا ما يدلّ على ترك الجمع بين نوعين من الطّعام، إذ صريحه عدم امتلائه منهما، أما الجمع فقدر آخر، فقد جمع صلّى الله عليه وسلم القثاء بالرّطب.
ثم هذه الأحاديث السابقة لا تنافي أنّه كان في آخر حياته يدّخر قوت عياله سنة، لأنّه كان يعرض له حاجة المحتاج فيخرج فيها ما كان ادّخره؛ ولا يبقي منه بقية.
فصدق أنّه لم يشبع، وأنّ أصحابه لم يشبعوا، وأنّه ادّخر قوت سنة. كذا قاله المناوي وغيره؛ أخذا من كلام النووي في «شرح مسلم» .
وقال في «جمع الوسائل» : وفيه أنّه يلزم منه أنّ تضييق الحال كان في أواخر السنة، والحال أن الأحاديث تعمّ الأحوال، فالأحسن في الجواب أن يقال: إنّما كان يدّخر قوتهم؛ لا على وجه الشّبع، أو أنّه كان لا يدّخر لنفسه. فما كانوا يشبعون معه صلّى الله عليه وسلم في بعض الأوقات، مع أنّه لا تصريح في الحديث أنّهم كانوا لا يشبعون من القلة، وإنما كان عادتهم عدم الشّبع. نعم؛ ما كانوا يجدون من لذيذ الأطعمة المؤدية إلى الشّبع غالبا. والله أعلم. انتهى.
(قال) العلامة الشهاب (القسطلّانيّ) في «المواهب» :
(واعلم أنّ الشّبع بدعة ظهرت بعد القرن الأوّل) . قال بعضهم: الشّبع نهر في النفس يرده الشيطان، والجوع نهر في الروح ترده الملائكة.
(وقد روى) الترمذي و (النّسائيّ) - بفتح النّون والسّين المهملة المخففة بعدها ألف ممدودة؛ منسوب إلى «نسا» مدينة بخراسان، ويقال في النسب إليها نسوي أيضا. انتهى. وقال بعضهم:
والنّسئيّ نسبة لنسأ ... مدينة في الوزن مثل سبأ
والنّسائي هو: أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن دينار.
أبو عبد الرحمن، الحافظ مصنف السنن، وأحد الأئمة المبرزين.