للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان داود عليه الصّلاة والسّلام يلبس الصّوف، ويفترش الشّعر، ويأكل خبز الشّعير بالملح والرّماد، ويمزج شرابه بالدّموع.

وقيل لعيسى عليه الصّلاة والسّلام: لو اتّخذت حمارا؟

فقال: أنا أكرم على الله من أن يشغلني بحمار.

وكان يلبس الشّعر ...

(كان داود) على نبينا و (عليه) الصّلاة و (السّلام يلبس الصّوف، ويفترش الشّعر) أي: ما نسج منه، لأنه خشن يمنعه لذة النّوم والاستغراق فيه، المانع له عن ورده، وهذا شعار الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام والصّلحاء، ولذا اختاره السّادة الصّوفية.

(ويأكل خبز الشّعير بالملح) لأنّه إدام، (والرّماد) قال ملا علي قاري: لعله أراد به ما اختلط بالخبز واستهلك فيه! وإلّا فأكل الرّماد حرام لما فيه من الضرر.

( [ويمزج شرابه بالدّموع] ) لكثرة بكائه وعدم خلوّه منه.

وهذا رواه ابن أبي حاتم عن أنس مرفوعا، وعن مجاهد وغيره موقوفا.

(وقيل لعيسى) على نبيّنا و (عليه) الصّلاة و (السّلام) - كما أخرجه الإمام أحمد في «الزهد» ، وابن أبي شيبة في «مصنفه» عن ثابت- (لو اتّخذت حمارا) لتركبه لتستريح من المشي؟!

(فقال: أنا أكرم على الله من أن يشغلني بحمار!!) أي: بأن يتعلّق قلبي به وبكلفته وخدمته. ويشغلني- بفتح الغين- من شغله يشغله؛ كسأله يسأله، وأشغله لغة رديئة.

(وكان) كما روى أحمد في «الزهد» ؛ عن عبيد بن عمير، ومجاهد والشعبي وابن عساكر في «تاريخه» أنّه كان (يلبس الشّعر) أي: ما نسج منه؛ زيادة في تقشفه.

وإنما كره مالك لبس الصوف لمن يتخذه شعارا له؛ إظهارا لزهده، فإن إخفاءه

<<  <  ج: ص:  >  >>