للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«لقد كان الأنبياء قبلي يبتلى أحدهم بالفقر والقمل، وكان ذلك أحبّ إليهم من العطاء إليكم» .

تعالى عنه مرفوعا:

( «لقد كان الأنبياء قبلي يبتلى) - بالبناء للمفعول ونائبه- (أحدهم بالفقر) أي: بشدة الحاجة في مطعمه، (والقمل) ؛ أي بكثرته في ثوبه وبدنه.

(وكان ذلك) الابتلاء (أحبّ إليهم من العطاء إليكم» ) ؛ رضا بقضاء المولى، وعلما بأنّ ما أعده الله لهم خير وأبقى، ولفظ الحديث ليس كما ذكره المصنف رحمه الله تعالى.

وهو ما قاله أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه:

قلت: يا رسول الله؛ من أشدّ النّاس بلاء؟ قال: «الأنبياء» . قلت: ثمّ من؟ قال: «العلماء» . قلت: ثمّ من؟ قال: «الصّالحون؛ كان أحدهم يبتلى بالقمل حتّى يقتله، ويبتلى بالفقر حتّى لا يجد إلّا العباءة يلبسها، ولأحدهم أشدّ فرحا بالبلاء من أحدنا بالعطاء» . وهو صحيح على شرط مسلم.

قيل: وهو يدلّ على أنّ الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام يتسلّط عليهم القمل، ويعرض لهم، لأنه من الأعراض البشرية، إلّا أنّ ابن الملقن رحمه الله تعالى نقل عن ابن سبع أنّ القمل لم يكن يؤذيه صلّى الله عليه وسلم؛ تكريما له.

ونقل ابن عبد البرّ رحمه الله تعالى في «التمهيد» أنّ نعيم بن حماد ذكر عن ابن المبارك [عن مبارك] بن فضالة عن الحسن رضي الله تعالى عنه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلم كان يقتل القمل في الصّلاة

والظّاهر أن جسده الشّريف لا يتولّد منه القمل، لاعتدال مزاجه الشّريف، وإنّما كان يوجد في ثيابه؛ من الفقراء المجالسين له، وكذا سائر الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام، ولو قيل: «إنّ ضمير «يبتلى» في حديث الحاكم للصّالحين» ! كان أقرب. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>