للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.........

قال الحافظ زين الدّين العراقيّ في «شرح الترمذي» : كأنّ السرّ فيه أنّ الوسطى أكثر تلويثا؛ لأنّها أطول، فيبقى فيها الطّعام أكثر من غيرها، ولأنّها لطولها أوّل ما ينزل فيها الطّعام، وهي أقرب إلى الفم حين يرتفع، فزعم أنّ نسبة الأصابع إلى الفم على السواء ساقط.

ووقع في مرسل ابن شهاب الزهريّ؛ عن سعيد بن منصور الخراساني: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلم كان إذا أكل أكل بخمس. فيجمع بينه وبين ما تقدّم من أكله بثلاث، باختلاف الحال، فأكثر الأحوال بالثلاث؛ وبعضها بالخمس. وحمل على ما إذا كان الطّعام مائعا.

وقد جاءت علّة اللّعق مبيّنة في بعض روايات مسلم: بأنّه لا يدري في أيّ طعامه البركة، هل في الباقي في الإناء؛ أو على الأصابع؟

قال ابن دقيق العيد: وقد يعلّل بأنّ مسحها قبل لعقها فيه زيادة تلويث لما يمسح به، مع الاستغناء عنه بالرّيق!! لكن إذا صحّ الحديث بالتّعليل لم يتعدّ عنه.

قال الحافظ ابن حجر: العلّة المذكورة لا تمنع ما ذكره الشيخ، فقد يكون للحكم علّتان؛ أو أكثر، والنّصّ على واحدة لا ينفي الزيادة.

قال: وأبدى القاضي عياض علّة أخرى: وهي أنّه لا يتهاون بقليل الطعام.

انتهى.

وفي الحديث ردّ على من كره لعق الأصابع استقذارا؛ ممّن ينسب إلى الرّياسة والإمرة في الدنيا. نعم يحصل ذلك الاستقذار لو فعل اللّعق في أثناء الأكل، لأنّه يعيد أصابعه في الطّعام وعليها أثر ريقه، والمصطفى إنّما كان يلعق بعد الفراغ من الأكل، وبذلك أمر.

وقال الخطّابي: عاب قوم- أفسد عقولهم الترفّه- لعق الأصابع، وزعموا أنّه مستقبح، كأنّهم لم يعلموا أنّ الطعام الذي علق بالأصابع والصّحفة جزء من أجزاء

<<  <  ج: ص:  >  >>