للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأقول: لا، فيقول: «إنّي صائم» ، قالت: فأتاني يوما؛ فقلت: يا رسول الله؛ إنّه أهديت لنا هديّة، قال: «وما هي؟» ، قلت: حيس ...

النّهار، وأمّا بكسر الغين المعجمة وبالذّال المعجمة أيضا! فهو ما يؤكل على وجه التّغذّي، مطلقا، فيشمل العشاء كما يشمل الغداء.

(فأقول: لا) أي: ليس عندي غداء. (فيقول: «إنّي صائم» ) أي: ينوي الصّوم بهذه العبارة، وهو صريح في جواز نيّة صوم النّفل نهارا «١» ، لكن إلى الزّوال عند الشّافعي، وأوجب مالك التّبييت كالفرض لإطلاق خبر «من لم يبيّت الصّيام فلا صيام له» . وحمل «إنّي صائم» ؛ على أنّي كنت.

وأجيب بأنّه تأويل بعيد عن ظاهر اللّفظ، والأصل تراخي رتبة النّفل عن الفرض، فلا يشكل الفرق بينهما، وفي قوله: «إنّي صائم» إيماء إلى أنّه لا بأس بإظهار النّفل لقصد التّعليم.

(قالت: فأتاني يوما، فقلت: يا رسول الله، إنّه أهديت) بصيغة المجهول، أي: أرسلت (لنا هديّة، قال: «وما هي» ؟ قلت: حيس) - بفتح الحاء المهملة، وسكون التّحتيّة وفي آخره سين مهملة- وهو التّمر مع السّمن والأقط، وقد يجعل عوض الأقط الدقيق أو الفتيت، فيدلك الجميع حتى يختلط، قال الشاعر:

وإذا تكون كريهة أدعى لها ... وإذا يحاس الحيس يدعى جندب

هذا وجدّكم الصّغار بعينه ... لا أمّ لي إن كان ذاك ولا أب

عجب لتلك قضيّة، وإقامتي ... فيكم على تلك القضيّة أعجب


(١) مما يجب التنبيه عليه ههنا: أن هذه النية ينبغي أن تشمل القصد ما تقدمها من أجزاء اليوم قبل إنشائها؛ فينوي أنه صائم من الفجر ... فليعلم؛ فإن أكثر الناس عنه غافلون. وفيه وجه توفيق من كلام مالك الآتي بعده. والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>