قال: «أما إنّي أصبحت صائما» ، قالت: ثمّ أكل.
وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أتي بطعام.. سأل عنه:
«أهديّة أم صدقة؟» ، فإن قيل صدقة.. قال لأصحابه: «كلوا» ، ولم يأكل. وإن قيل هديّة.. ضرب بيده فأكل معهم.
وكان صلّى الله عليه وسلّم لا يأكل من هديّة حتّى يأمر ...
(قال: «أما) - بالتّخفيف؛ للتّنبيه- (إنّي أصبحت صائما» ) إخبار عن كونه صائما، فيكون قد نوى من اللّيل. (قالت: ثمّ أكل) ، هذا صريح في حلّ قطع النّفل، - وهو مذهب الشّافعي كالأكثر- ويوافقه خبر «الصّائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر» . وأمّا قوله تعالى وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ (٣٣) [محمد] ! فهو في الفرض وجوبا، والنّفل ندبا؛ جمعا بين الأدلة.
(و) أخرج البخاريّ ومسلم والنّسائي؛ عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: (كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا أتي) بالبناء للمجهول (بطعام) - زاد في رواية الإمام أحمد: من غير أهله- (سأل عنه) ممن أتى به (: «أهديّة أم صدقة؟» ) - بالرّفع، خبر مبتدأ محذوف- أي: هذا، أي: عيّنوا لي أحد الأمرين.
(فإن قيل:) هو (صدقة؛ قال لأصحابه) أي: من حضر منهم (: «كلوا» ، ولم يأكل) هو منه، لأنّ الصّدقة حرام عليه.
(وإن قيل:) هو (هديّة) - بالرّفع- (ضرب بيده) أي: مدّ يده وشرع في الأكل مسرعا؛ (فأكل معهم) من غير تحام عنه؛ تشبيها للمدّ بالذّهاب سريعا في الأرض، فعدّاه بالباء، وذلك لأن الهدية يقصد فيها إكرام المهدى إليه، والصّدقة لم يقصد بها ذلك، بل يقصد بها ثواب الآخرة، ففيها نوع ذلّ للآخذ.
(و) أخرج الطّبراني في «الكبير» والبزّار بإسناد صحيح؛ عن عمّار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما قال: (كان) رسول الله (صلى الله عليه وسلم لا يأكل من هديّة حتّى يأمر