وكان أحبّ الطّعام إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما كثرت عليه الأيدي. وكان صلّى الله عليه وسلّم يكرّر على أضيافه، ويعرض عليهم الأكل مرارا.
وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها وعن والديها: لم يمتلىء جوف النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم شبعا قطّ،
(و) يؤيّده ما أخرجه أبو يعلى، والطّبراني في «الأوسط» ، وابن عدي في «الكامل» ، وابن حبّان، والبيهقي، والضّياء؛ من حديث جابر بن عبد الله، رضي الله تعالى عنهما، - بإسناد حسن؛ كما قال العراقي- قال:
(كان أحبّ الطّعام إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما كثرت عليه الأيدي) ، لما فيه من السّخاء بالطّعام وقلّة الأكل وكثرة البركة
(و) في «المواهب» : (كان صلّى الله عليه وسلم يكرّر على أضيافه، ويعرض عليهم الأكل مرارا) .
وفي حديث أبي هريرة ما يؤيّد ذلك في قصّة شرب اللبن، وقوله مرارا «اشرب» ، فما زال يقول «اشرب» حتّى قال أبو هريرة: والّذي بعثك بالحقّ لا أجد له مسلكا. رواه البخاري مطوّلا في كتاب «الرّقاق» ؛ من «صحيحه» .
(و) في «المواهب» و «الشّفاء» :
(قالت عائشة رضي الله تعالى عنها، وعن والديها: لم يمتلىء جوف النّبيّ صلّى الله عليه وسلم شبعا) - بكسر الشّين المعجمة، وفتح الباء، وهو تمييز، أو مفعول له- (قطّ) ، بل كان إذا تغدّى لم يتعشّ، وإذا تعشّى لم يتغدّ.
رواه أبو نعيم، عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، وقد تقدّم.
وقول عائشة «لم يمتلىء جوف النّبيّ صلّى الله عليه وسلم شبعا قط» ! محمول على الشّبع الّذي يثقل المعدة، ويثبّط عن القيام بالعبادة، ويفضي إلى البطر والأشر والنّوم والكسل، وقد تنتهي كراهته إلى التّحريم؛ بحسب ما يترتّب عليه من المفسدة.