وإنّه كان في أهله لا يسألهم طعاما ولا يتشهّاه، إن أطعموه.. أكل، وما أطعموه.. [قبله] ، وما سقوه.. شرب.
وكان صلّى الله عليه وسلّم ربّما قام فأخذ ما يأكل بنفسه، أو يشرب.
وليس المراد الشّبع النّسبيّ المعتاد في الجملة، ففي «صحيح مسلم» خروجه صلّى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر من الجوع وذهابهم إلى بيت الأنصاري، وذبحه الشّاة، وفيه: فلما أن شبعوا ورووا!!. قال النّووي: فيه جواز الشّبع.
وما جاء في كراهته! محمول على المداومة عليه، فلا ينافي هذا الحديث وغيره من الأحاديث الدّالّة على جوازه، وقد ترجم البخاري «باب من أكل حتّى شبع» ، وأورد حديث دخوله صلّى الله عليه وسلم منزل أبي طلحة، وقوله له:«اذن لعشرة ثمّ عشرة» ، فأكل القوم كلّهم وشبعوا، وهم ثمانون، وحديث أبي بكر: كنّا مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلم ثلاثين ومائة ... الحديث؛ وفيه: فأكلنا أجمعون، وشبعنا.
(وأنّه) صلى الله عليه وسلم (كان في أهله لا يسألهم طعاما) ، أي: لا يكلّفهم شيئا ليس عندهم، أو ما لا يريدون إحضاره لغرض آخر يتعلّق بهم، فلا ينافيه قوله:«هل عندكم من غداء؟» .
(ولا يتشهّاه) إذ التّشهّي آية الحبّ، وهو منزّه عنه!
(إن أطعموه أكل، وما أطعموه) قدّموه له ليأكله ( [قبله] ) منهم، فيأكل منه.
(وما سقوه) من الأشربة لبن أو غيره (شرب) ، وهذا كان غالب أحواله صلّى الله عليه وسلم.
(و) في «كشف الغمّة» و «الإحياء» : (كان) رسول الله (صلى الله عليه وسلم ربّما قام فأخذ ما يأكل بنفسه! أو يشرب) . أخرج التّرمذي وصحّحه، وابن ماجه؛ عن كبشة:
دخل علي رسول الله صلّى الله عليه وسلم فشرب من في قربة معلّقة قائما ... الحديث.
وقد تقدّم حديث أبي داود والتّرمذي و «الشّمائل» ؛ عن أمّ المنذر بنت قيس: