مكفيّ رزق عباده. أي: غير محتاج إلى أحد في كفايتهم، إذ لا يكفيهم أحد غيره سبحانه وتعالى، فالضّمير راجع إلى الله تعالى.
ودليل هذا حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال:
دعا رجل من الأنصار من أهل قباء رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ فانطلقنا معه، فلمّا طعم النّبيّ صلّى الله عليه وسلم وغسل يده قال:
«الحمد لله الّذي يطعم ولا يطعم، منّ علينا فهدانا وكلّ بلاء حسن أبلانا، الحمد لله؛ غير مكفور ولا مودّع ولا مكافا ولا مستغنى عنه، الحمد لله الّذي أطعم من الطّعام، وسقى من الشّراب، وكسا من العري، وهدى من الضّلالة، وبصّر من العماية، وفضّل على كثير ممّن خلق تفضيلا، الحمد لله ربّ العالمين» .
رواه النسائي واللفظ له، والحاكم، وابن حبّان في «صحيحيهما» ، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وقيل: إنّ الضّمير راجع إلى الحمد، أي: إنّ الحمد غير مكفيّ.
(ولا مكفور) أي: غير مجحود نعم الله سبحانه وتعالى فيه، بل مشكورة؛ غير مستور الاعتراف بها، والحمد عليها.
(ولا مودّع) - بضمّ الميم وفتح الواو والدّال المهملة المشدّدة- أي: غير متروك. وبكسر الدّال، أي: حال كوني غير تارك له، فمؤدّى الروايتين واحد؛ وهو دوام الحمد، واستمراره للكريم سبحانه.
(ولا مستغنى عنه) - بفتح النّون والتّنوين-؛ أي حمدا لا يكتفى به، بل يعود إليه كرّة بعد كرة، ولا يتركه، ولا يستغني عنه أحد، بل حمدا يحتاج إليه كلّ منهم لبقاء نعمه واستمرارها.
ولم يصب من جعله عطف تفسير؛ محتجّا بأنّ المتروك هو المستغنى عنه، لظهور أنّ فيه فائدة «لم يفدها ما قبله» هي أنّه لا استغناء لأحد عن الحمد، إذ لا فيض إلّا منه سبحانه، فيجب على كلّ مكلّف؛ إذ لا يخلو أحد عن نعمة، بل