وكان صلّى الله عليه وسلّم يأكل البطّيخ بالرّطب، ويقول:
«يكسر حرّ هذا ببرد هذا، وبرد هذا بحرّ هذا» .
حديث: نهى أن تلقى النّواة على الطّبق الّذي هو يؤكل منه الرّطب والتّمر.
ولعلّ المراد هنا الطّبق الموضوع تحت إناء الرّطب؛ لا الطّبق الّذي فيه الرّطب، فإن وضعه مع الرطب في إناء واحد ربما تعافه النّفوس؛ قاله المناوي رحمه الله تعالى.
(و) أخرج أبو داود في «الأطعمة» ، والبيهقيّ كلاهما؛ عن عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت:(كان) رسول الله (صلى الله عليه وسلم يأكل البطّيخ) - بتقديم الباء على الطّاء، وبتقديم الطّاء على الباء الطّبّيخ؛ لغة في البطيخ بوزنه، وكلاهما روايتان ثابتتان في الحديث- والمراد به: الأصفر، بدليل ثبوت لفظ الخربز بدل البطّيخ في الرّواية الآتية، وكان يكثر وجوده بالحجاز، بخلاف الأخضر.
وقال ابن القيّم: المراد الأخضر. قال زين الحفّاظ العراقي، وفيه نظر.
والحديث دالّ على أنّ كلّ واحد منهما فيه حرارة وبرودة، لأنّ الحرارة في أحدهما والبرودة في الآخر.
قال بعض الأطبّاء: البطّيخ بارد رطب، فيه جلاء، وهو أسرع انحدارا إلى المعدة من القثّاء والخيار، وهو سريع الاستحالة إلى أي خلط صادفه في المعدة، وإذا أكله محرور نفعه جدا، وإذا كان مبرودا عدّله بقليل زنجبيل. أو يفعل كما كان صلّى الله عليه وسلم يعدّله (بالرّطب) : ثمر النّخل إذا أدرك قبل أن يتتمّر؛ (ويقول: «يكسر حرّ هذا) أي: الرّطب (ببرد هذا) ، أي: البطّيخ، (وبرد هذا بحرّ هذا» ) . قال الزرقاني: كذا وقع للمصنّف- يعني القسطلّانيّ-: ببرد ... بحرّ- بالباء فيهما- تبعا لشيخه في «المقاصد» ؛ تبعا لشيخه في «الفتح» !! فيحتمل أن أوّله [نكسر] بنون مبنيّ للفاعل، وأنّه [يكسر] بتحتيّة مبنيّ للمجهول. وساقه «الجامع» بدون موحّدة فيها، وكل عزاه لأبي داود. انتهى.