للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.........

و٣- يحتمل أن تكون دنيويّة من تكثير الكيل والقدر بها، حتى يكفي منه في المدينة ما لا يكفي منه في غيرها.

أو ١- ترجع البركة إلى التصرّف بها في التجارات وأرباحها.

أو ٢- إلى كثرة ما يكال بها من غلّاتها وثمارها، أو ترجع إلى الزّيادة فيما يكال بها؛ لاتساع عيشهم وكثرته بعد ضيقه، لما فتح الله عليهم ووسّع من فضله لهم، وملّكهم من بلاد الخصب والرّيف بالشّام والعراق ومصر وغيرها، حتّى كثر الحمل إلى المدينة واتّسع عيشهم، وصارت هذه البركة في الكيل نفسه، فزاد مدّهم مثل مدّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلم مرّتين أو مرّة ونصفا.

ولا مانع من إرادة إحاطة البركة بالكلّ، وفي هذا كلّه ظهور إجابة دعاء النّبيّ صلّى الله عليه وسلم وقبوله.

واختار النّووي من تلك التوجيهات: البركة في نفس مكيل المدينة، بحيث يكفي المدّ فيها لمن لا يكفيه في غيرها كما تقدّم.

وقال القرطبي: إذا وجدت البركة فيها في وقت حصلت إجابة الدّعوة، ولا يلزم دوامها في كلّ حين ولكلّ شخص. انتهى. ذكره في «جمع الوسائل» .

وقدّم الثّمار في الدّعاء!! قضاء لحق المقام، إذ هو مستدع لذلك، ثمّ ذكر الصّاع والمدّ؛ اهتماما بشأنهما؛ ففي كلامه إجمال بعد تفصيل، وتفصيل بعد إجمال، وهو من اللّطائف.

والصّاع: مكيال معروف، وصاع المصطفى صلّى الله عليه وسلم الّذي بالمدينة المشار إليه هنا: أربعة أمداد، وذلك خمسة أرطال وثلث بالبغدادي.

وأمّا قول أبي حنيفة بأنّه ثمانية أرطال! فهو ممنوع بأنّ الزيادة عرف طارىء على عرف الشّرع، ولذلك لما اجتمع أبو يوسف بمالك رضي الله تعالى عنه بالمدينة المنورة حين حجّ مع الرّشيد، فقال أبو يوسف: الصّاع ثمانية أرطال. فقال

<<  <  ج: ص:  >  >>