جاؤوا به إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فإذا أخذه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.. قال: «اللهمّ؛ بارك لنا في ثمارنا، [وبارك لنا في مدينتنا] ، وبارك لنا في صاعنا، وفي مدّنا ...
(جاؤوا به إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم) ؛ إيثارا له على أنفسهم حبّا له وتعظيما لجنابه، ونظرا إلى أنه أولى النّاس بما سيق إليهم من الرّزق.
قال العلماء: كانوا يفعلون ذلك رغبة في دعائه صلّى الله عليه وسلم بالبركة في الثّمر والمدينة والصاع والمدّ، وطلبا لمزيد استدرار بركته فيما تجدّد عليهم من النّعم؛ وفي الحديث: أنّه يستحبّ الإتيان بالباكورة لأكبر القوم علما وعملا.
(فإذا أخذه رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال) مستقبلا للنّعمة المجددة بالتضرّع والمسألة والتوجّه والإقبال التّام إلى المنعم الحقيقي؛ طلبا لمزيد الإنعام، على وجه يعمّ الخاصّ والعامّ (: «اللهمّ؛ بارك لنا في ثمارنا) أي: زد فيها الخير بالنّموّ والحفظ من الآفات.
( [وبارك لنا في مدينتنا] ) بكثرة الأرزاق وبقائها على أصلها وإقامة شعائر الإسلام، وإظهاره على غاية لا توجد في غيرها، (وبارك لنا في صاعنا، و) بارك لنا (في مدّنا) - بضمّ الميم وتشديد الدّال المهملة- بحيث يكفي صاعنا ومدّنا من لا يكفيه صاع غيرنا ومدّه.
فالمراد به الطّعام الّذي يكال بالصّيعان والأمداد، فيكون دعاء لهم بالبركة في أقواتهم.
قال القاضي عياض: البركة تكون:
١- بمعنى النّماء والزّيادة، وتكون بمعنى الثّبات واللّزوم.
و٢- يحتمل أن تكون البركة المذكورة في الحديث دينيّة؛ وهي ما يتعلّق بهذه المقادير من حقوق الله تعالى في الزّكاة والكفّارات. فتكون بمعنى الثّبات والبقاء لها؛ كبقاء الحكم ببقاء الشّريعة وثباتها.