للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يشرب العسل الممزوج بالماء البارد.

الصّحّة، ونفع الأرواح والقوى، والكبد والقلب، وقمع الحرارة وحفظ على البدن رطوباته الأصليّة، وردّ إليه ما تحلّل منها، ورقّق الغذاء ونفّذه إلى العروق.

والماء الملح؛ أو السّاخن يفعل ضدّ هذه الأشياء، وتبريد الماء وتحليته لا ينافي كمال الزّهد!! لأنّ فيه مزيد الشّهود لنعم الله تعالى، وإخلاص الشّكر له، ولذلك كان سيّدي أبو الحسن الشّاذلي يقول: إذا شربت الماء الحلو أحمد ربّي من وسط قلبي. وليس في شرب الماء الملح فضيلة.

ويكره تطييبه بنحو مسك كتطييب الماكل، ولذلك كان صلّى الله عليه وسلم يستعمل أنفس الشّراب؛ لا أنفس الطّعام غالبا، وكان صلّى الله عليه وسلم يستعذب له الماء من بيوت صحبه، أي: يطلب له الماء العذب من بيوتهم.

(و) في «المواهب» : (كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يشرب العسل) : النحل، إذ هو المراد لغة وطبّا. وفي «القاموس» العسل- محرّكة-: لعاب النّحل.

(الممزوج بالماء البارد) .

وقال ابن القيّم: وفي هذا من حفظ الصّحّة ما لا يهتدي إلى معرفته إلّا أفاضل الأطبّاء، لما فيه من التّعديل، فإنّ شرب العسل ولعقه على الريق يزيل البلغم، ويغسل خمل المعدة، ويجلو لزوجتها «١» ، ويدفع عنها الفضلات، ويسخّنها باعتدال، ويفتح سددها «٢» ، والماء البارد رطب يقمع الحرارة ويحفظ البدن، فجمعه مع العسل غاية في التّعديل. وإنّما يضرّ بالعرض لصاحب الصّفراء!! لحدّته وحدّة الصّفراء، فربّما هيّجها، فدفع ضرره لصاحبها بالخلّ.

قال في «العارضة» : كان يشرب الماء البارد ممزوجا بالعسل، فيكون حلوا باردا، وكان يشرب اللّبن، ويصبّ عليه الماء حتّى يبرد أسفله.


(١) شيء كالدهن يتربى على فم المعدة.
(٢) بضم السين المهملة جمع سدة؛ كغرفة وغرف، وهي الحاجز بين الشيئين.

<<  <  ج: ص:  >  >>