فجاءتنا بإناء من لبن، فشرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأنا على يمينه، وخالد عن شماله.
فقال لي: «الشّربة لك، ...
وكان الّذي صلّى إماما بالنّاس على جنازتها ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما.
وهي أخت أم الفضل: امرأة العبّاس، وأخت لبابة الصغرى: أمّ خالد، وأخت أسماء بنت عميس، فهي خالة خالد بن الوليد وخالة ابن عبّاس، وهي آخر أزواج النّبيّ صلّى الله عليه وسلم.
روى عنها جماعة؛ منهم عبد الله بن عبّاس.
روي لها عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلم ستّة وأربعون حديثا رضي الله تعالى عنها.
(فجاءتنا بإناء) مملوء (من لبن، فشرب رسول الله صلّى الله عليه وسلم) ؛ أي: منه (وأنا على يمينه، وخالد عن شماله) ، أي: والحال أنّي على يمينه وخالد عن شماله، وتعبيره ب «على» في الأوّل، وب «عن» في الثّاني!! للتّفنّن الّذي هو ارتكاب فنّين من التعبير مع اتّحاد المعنى، فهما هنا بمعنى واحد وهو مجرّد الحضور.
(فقال) أي: النّبيّ صلّى الله عليه وسلم (لي) - بفتح الياء وتسكّن- (: «الشّربة لك) أي:
هذه المرّة من الشّرب حقّ لك لأنّك على اليمين، ومن على اليمين مقدّم على من على اليسار، فقد ورد:«الأيمن فالأيمن» . رواه مالك، وأحمد، وأصحاب الكتب السّتّة؛ عن أنس رضي الله تعالى عنه.
والسّرّ في تقديم من على اليمين على من على اليسار!! أنّ من على اليمين مجاور لملك اليمين الّذي هو حاكم على ملك الشّمال، وتجرى هذه السّنّة- وهي تقديم من على اليمين- في غير الشّراب كالمأكول والملبوس وغيرهما؛ كما قاله المهلّب وغيره، خلافا لمالك حيث قال في الشراب خاصة. وقال ابن عبد البرّ: لا يصحّ عنه.
وأوّله القاضي عياض بأنّ مراده أنّه إنّما جاءت السّنّة بتقديم الأيمن في الشّرب خاصّة، وغيره إنّما هو بطريق القياس، فالسّنّة البداءة في الشّرب ونحوه بعد الكبير