ما بقي من الشّراب. والمعنى: لا ينبغي أن أقدّم على ما بقي من شرابك أحدا غيري يفوز به؛ لما فيه من البركة، ولا يضرّ عدم إيثاره لذلك، ولهذا أقرّه المصطفى صلّى الله عليه وسلم.
وكذا نقل عن بعض الصّحابة أنّه لما أقرع النّبيّ صلّى الله عليه وسلم بين رجل وولده في الخروج للجهاد فخرجت القرعة للولد؛ فقال له أبوه: آثرني، فقال: يا أبت لا يؤثر بالجنّة أحد أحدا أبدا!! فأقرّه النّبيّ صلّى الله عليه وسلم على ذلك، مع أنّ برّ الوالدين متأكّد، لكن على ما أحكمته السّنة؛ دون غيره.
ويؤخذ من هذا الحديث: أنّ من سبق إلى مجلس عالم أو كبير وجلس بمجلس عال لا ينقل منه لمجيء من هو أفضل منه، فيجلس ذلك الجائي حيث ينتهي به المجلس؛ ولو دون مجلس من هو دونه.
(ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من أطعمه الله طعاما؛ فليقل) ندبا مؤكّدا حال الشروع في الأكل، فإن لم يقل ذلك حال الشّروع في الأكل؛ فليأت به بعده، ويقدم عليه حينئذ صيغة الحمد، نحو قوله «الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين» ، كذا قاله الباجوري، تبعا للمناوي التّابع لابن حجر الهيتمي.
وقال ملّا علي قاري في «جمع الوسائل» : ليقل ندبا بعد أكله والحمد عليه.
وأما قول ابن حجر «فليقل حال الأكل، فإن أخّره إلى ما بعده! فالأولى أن يكون بعد الحمد كما هو ظاهر» !! فليس بظاهر، لأنّ حال الأكل لا يقال «أطعمنا خيرا منه، أو زدنا منه» ؛ كما هو ظاهر. انتهى.