للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.........

وغلط من زعم أنّ فيها نسخا، وكيف يصار للنّسخ مع إمكان الجمع بين الأحاديث، والنّسخ إنّما يكون لو ثبت التّاريخ. وأنّى له بذلك!!

والصّواب أنّ النّهي محمول على كراهة التّنزيه.

وأمّا شربه صلّى الله عليه وسلم قائما! فلبيان الجواز، أو لأنّه لم يجد محلّا للقعود،؛ لازدحام النّاس على زمزم، أو ليرى النّاس أنّه غير صائم، أو لابتلال المحلّ.

فإن قلت: كيف يكون الشّرب قائما مكروها؛ وقد فعله صلّى الله عليه وسلم؟!.

فالجواب: أنّ فعله صلّى الله عليه وسلم إذا كان بيانا للجواز لم يكن مكروها في حقّه؛ بل البيان واجب عليه، فيثاب عليه صلّى الله عليه وسلم ثواب الواجب.

قال النّوويّ: وقد ثبت أنّه توضّأ مرة مرّة، وطاف على بعيره؛ مع أنّ الإجماع على أنّ الوضوء ثلاثا والطواف ماشيا أكمل!! ونظائر هذا لا تنحصر.

وكان ينبّه على جواز الشّيء مرّة أو مرّات، ويواظب على الأفضل، ولذا كان أكثر وضوئه ثلاثا، وأكثر طوافه ماشيا، وأكثر شربه جالسا؛ وهذا واضح، فلا يتشكّك فيه من له نسبة إلى علم.

وأمّا قوله عليه الصلاة والسلام «فمن نسي فليستقىء» !! محمول على الاستحباب والنّدب، فيستحبّ لمن شرب قائما أن يتقيّأ، لهذا الحديث الصّحيح؛ سواء كان ناسيا؛ أو لا. قاله النّووي.

وقالت: المالكيّة: يجوز الشّراب قائما؛ وبالجواز صرّح ابن رشد من أئمّتهم، لصحّة الأدلّة [ولأنها] أقوى من أحاديث النّهي!!

فإنّهم استدلوا لذلك بحديث جبير بن مطعم الصّحابي؛ قال: رأيت أبا بكر الصّديق يشرب قائما وهو من أشد النّاس بعدا عن المكروه.

واستدلّوا بقول مالك: إنّه بلغه عن عمر بن الخطاب وعثمان وعلي رضي الله تعالى عنهم أنّهم كانوا يشربون قياما؛ وبلاغات مالك ليست من الضّعيف؛ لأنّها تتبعت كلّها فوجدت موصولة.

<<  <  ج: ص:  >  >>