للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.........

وطولهنّ، ثمّ يصلي ثلاثا، قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: قلت: يا رسول الله؛ أتنام قبل أن توتر؟! فقال: «يا عائشة؛ إنّ عينيّ تنامان ولا ينام قلبي» .

رواه الشّيخان، وأبو داود، والتّرمذي، والنّسائي.

وإنّما كان لا ينام قلبه! لأنّ القلب إذا قويت فيه الحياة لا ينام إذا نام البدن، وكمال هذه الحالة كان لنبيّنا محمد صلّى الله عليه وسلم، ولباقي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فهو من خصائصه على الأمم؛ لا على الأنبياء؛ بنصّ حديثه المارّ!

والفرق بيننا وبينهم: أنّ النّوم يتضمّن أمرين: راحة البدن، وهو الّذي شاركونا فيه. والثّاني: غفلة القلب، وقلوبهم مستيقظة إذا ناموا؛ سليمة من أضغاث الأحلام، مشتغلة في تلقّف الوحي والتّفكر في المصالح؛ على مثل حال غيرهم إذا كان يقظانا، ولذا كانت رؤياهم وحيا، ولا ينقض النّوم وضوءهم.

ويحصل لمن أحيا الله قلبه بمحبّته واتباع رسوله من ذلك الحال الّذي كماله للمصطفى جزء بحسب نصيبه من محبّته عليه الصلاة والسّلام، ولكنّهم؛ ولو شاركوا الأنبياء في جزء ما من ذلك؛ ليسوا كهم! لانتقاض وضوئهم، ورؤياهم ليست وحيا بإجماع.

وقد جمع العلماء بين هذا الحديث وبين حديث نومه عليه الصّلاة والسلام في الوادي؛ حيث كانوا قافلين من سفر عن صلاة الصّبح حتّى طلعت الشّمس وحميت حتّى أيقظه عمر رضي الله تعالى عنه بالتّكبير!! كما أخرجه البخاري ومسلم؛ عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنهما؛

فقال النّووي: له جوابان:

أحدهما: أنّ القلب إنّما يدرك الحسّيّات المتعلّقة به؛ كالحدث والألم ونحوهما، ولا يدرك ما يتعلّق بالعين؛ لأنّها نائمة والقلب يقظان.

الثاني: أنّه كان له حالان؛ حال كان قلبه لا ينام؛ وهو الأغلب، وحال ينام

<<  <  ج: ص:  >  >>