قلت: الأظهر أنّ الأخلاق كلّها باعتبار أصلها جبلّيّة؛ قابلة للزيادة والنقصان في الكميّة والكيفيّة والرياضات الناشئة عن الأمور العلمية والعملية، كما تدلّ عليه الأخبار النبوية.
منها حديث:«إنّما بعثت لأتمّم صالح الأخلاق» . رواه البخاري في «تاريخه» ، والحاكم، والبيهقي، وأحمد؛ عن أبي هريرة.
وأخرجه البزّار بلفظ:«مكارم الأخلاق» .
ومنها ما في «مسلم» ؛ عن علي كرّم الله وجهه في «دعاء الافتتاح» :
«واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلّا أنت» .
ومنها ما صحّ عنه صلّى الله عليه وسلم:«اللهمّ؛ كما حسّنت خلقي فحسّن خلقي» .
فالمراد: زيادة تحسين الخلق على ما هو الظاهر؛ على طبق رَبِّ زِدْنِي عِلْماً (١١٤)[طه] .
ومنها حديث:«حسن الخلق نصف الدّين» رواه الديلمي؛ عن أنس.
ومنها حديث:«إنّ من أحبّكم إليّ أحسنكم أخلاقا» . رواه البخاري؛ عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما. انتهى. ذكره العلامة ملا علي القاري في «جمع الوسائل» .
(وحلمه) صلى الله عليه وسلم وهو: ضبط النّفس والطبع عند هيجان الغضب وعدم إظهاره؛ قاله الخفاجي على «الشفاء» .
وفي «الابتهاج» للبلغيثي: واعلم أنّ الحلم من أصحّ السّمات على محمود الصفات، وهو يدرك بالتخلّق وحمل النفس عليه؛ فهو مكتسب، كما يدلّ عليه الحديث:«إنّما العلم بالتّعلّم، وإنّما الحلم بالتّحلّم» .
وقال عليّ رضي الله تعالى عنه: من حلم ساد، ومن تفهّم ازداد.
وللحلم عشرة أسباب: ١- رحمة الجهّال، و ٢- القدرة على المعفوّ عنه،