وهبٍ وشُعيب بن اللَّيث بن سعد. قال النَّسائي: هو صدوق لا بأس به. وقال ابن أبي حاتم: روى عنه أبي، وكتبتُ عنه. وهو صدوق ثقة.
وأبوه عبد الله بن الحكم: كان أعلم أصحاب مالك بمختلف قوله، وأفضت إليه الرياسة بعد أشهب. ويقال إنه دفع إلى الشافعي ألف دينار من ماله، ومن تاجر موسر ألف دينار، ومن رجلين آخرين ألف دينار. وكان الشافعيُّ مُحِبّاً في مصر. فقال شوقاً إليها:
لقد أصبحت نفسي تَتوقُ إلى مصر ... ومن دونها قطْعُ المهامةِ والقَفرِ
فواللهِ ما أَدري أللفَوزِ بالغنى ... أُساق إليها أَم أُساقُ إلى قبري؟
فساقه الله إليهما جميعاً، صبَّ عليه عبد الله بن عبد الحكيم الدنيا صبّاً. وكان يقرأ عليه، ثم انتقل عن مذهبه بعد موته إلى مذهب مالكٍ رحمه الله. ووُلد عبدُ الله بن عبد الحكيم سنة خمسين ومئة، وتوفي سنة أربع عشرة ومئتين. وأولاده ثلاثة: محمد، وقد تقدَّم ذكره، وسعد وعبد الرحمن. وخرَّج ابن الجارود عن محمد وسعد في " المنتقى "، وخرج الطبريُّ عن عبد الرحمن في تاريخه الكبير. ولعبد الرحمن تأليف جليل في أخبار مصر وفتحها.
قال خليفةُ بن خياط: وفي سنة إحدى وثلاثين ومئتين قَتل الواثق أحمد بن نصر بن مالك بن الهيثم الخزاعي النيسابوريَّ المحدِّث، ضرب الواثق عنقه بيده لما امتنع عن القول بخلق القرآن، وشركه في قتله بعض مواليه، وصُلب مع بابَك لم يزل مصلوباً إلى أيام المتوكل رحمه الله. وفي هذه السنة اشتد الواثق في المحنة على القول بخلق القرآن، ووَلى قيها أحمد بن سعيد بن سَلم الفداء، ومعه خاقان خادم الرشيد، وجعفر الحذَّاء فامتحنوا أسرى المسلمين. فمن قال بخلق القرآن فُوديَ، ومن امتنع تُرك في أيدي الروم. فأجابوا كلُّهم إلى خلق القرآن، وكانوا ألفين وتسعمئة وخمسين ونحواً من مئة مُراهق.