ثم وسوست فكانت تقف في الموسم تنشد هذا الشعر، وتهيم على وجهها. ودخل عبيد الله ن عباس على معاوية بعد قتل عليُّ رضي الله عنه في مجلس الإمارة وعنده بسر بن أرطأة فقال له عبيد الله: أأنت قاتل الصبيَّين؟ قال: نعم فمه. فقال عبيد الله: ألا سيف؟ فناوله بسر سيفه! فأهوى بيده ليأخذه فنزل معاوية على سريره، وقبض على السيف، وقال لبسر: ويلك، أين ذهب بعقلك؟ لقد خرفت تعتمد إلى رجل موتور تناوله سيفا؟! والله لأمسكه لبدأ بي قبلك. فقال عبيد الله: ذلك والله أردت. فتبسَّم معاوية، وأخذه بيده وأجلسه معه على سريره، وباسطه وأجازه وقضى حوائجة.
وكان بسر من الأبطال الطغاة، وشهد مع معاوية صفين. وهو أحد الذين بعثهم عمر بن الخطاب مددا إلى عمرو بن العاصي لفتح مصر على اختلاف في ذلك. فمن ذكره فيهم فقال: كانوا أربعة: الزبير وعمير بن وهب وخارجة بن حذافة وبسر بن أرطأة. ومنهم من يجعل بدل بسر المقداد، وعليه أكثر الرواة، وهو أول بالصَّواب إن شاء الله. ولم يتخلفوا أن المقداد شهد فتح مصر. وكان بسر سفاكا للدماء، جريئا على المحظور. قال أبو الحسن الدارقطنيُّ: بسر بن أرطأة له صحبة، ولم تكن له استقامة بعد النبي عليه السلام. وكان يحيى بن ... يقول: لا تصح له صحبة. وكان يقول فيه: رجل سوء.
وحدث بقي بن مخلد قال: نا زيد بن الحباب قال: حدَّثنى موسى بن عبيد قال: نا يزيد بن عبد الرحمن بن أبى سلامة عن أبى الرَّباب وصاحب له أنهما سمعا أبا ذرٍ يتعوَّذ في صلاةٍ صلاها، أطال قيامها وركوعها وسجودها، قال: فسألناه: ممَّ تعوَّذتَ؟ وفيم دعوتَ؟ قال: تعوَّذتُ بالله من يوم البلاء ويوم العورة. فقلنا: وما ذاكَ؟ فقال: أمَّا يومُ البلاء فتلتقي مئتان من المسلمين، فيقتل بعضهم بعضاً: وأما يوم العورة فإن نساء من المسلمات يسيبن فيكشف عن سوقهن، فأيَّتُهنَّ كانت أعظم ساقاً اشتريت على عظم ساقها. فدعوت الله ألاَّ يدركني الزمان، ولعلكما تدركانه. قال: فقتل