للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال من قصيدة ثناء على النبي عليه السلام، وبكى فيها أصحاب قليب بدر:

فمنا إنْ جَنينَا في قريش عظيمةً ... سِوى أنْ حَمَينا خيرَ مَن وطئ التُّربا

أخا ثقةٍ في النائبات مُرزَّءاً ... كريماً نثاهُ لا بخيلاً ولا ذَرْبا

وأما عقيل بن أبي طالب: فكان نسَّابة، ويكنى أبا يزيد. وأُسر يوم بدر ففداه العباس بأربعة آلاف درهم فيما ذكره أبو اليقظان. وورث عقيل وطالب أبا طالب ولم يرثه عليٌّ ولا جعفر، لأنهما كانا مسلمين. قال عليُّ: فلذلك تركنا نصيبنا من الشِّعب. وأسلم عقيل قبل الحديبية. وشهد غزوة مؤتة. وكانت له طنفسة تُطرح في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عليها، ويجتمع إليه في علم النسب وأيام العرب، وذكرها مالك في الموطأ في وقت الجمعة. وكان أسرع الناس جوابا، وأحضرهم مراجعة في القول، وأبلغهم في ذلك. وقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " يا أبا يزيد، إني أحبُّك حبَّين: حبا لقرابتك مني، وحبا لما كنت أعلم من حبِّ عمي إياك ".

وانصرف عن على في خلافته إلى معاوية مغاضبا له إذ سأله قضاء دَينه وكان مالا كبيرا. فقال: إنما أنت رجل من المسلمين، ولا أحمل على بيت مالهم دَينَك. فلما وفد على معاوية برَّه ووصله بمال عظيم، وقضى دَينه. وقال يوما بحضرته: هذا أبو يزيد، لولا علمه أني خير له من أخيه ما أقام معنا وتركه. فقال عقيل: أخي خير لي في ديني، وأنت خير لي في دنياي. وقد آثرت دنياي. وأسأل الله خاتمة خير.

وكانت له دار بالمدينة واسعة كثيرة الأهل. ومات، بعد ما عَمِيَ، في آخر خلافة معاوية. وكان له من الولد اثنا عشر ذكرا، وخرج منهم تسعة مع الحسين رضي الله عنه، فقُتلوا معه. منهم: مُسلم بن عقيل وكان أشجعهم، وهو الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>