قدَّمه الحسين عليه السلام إلى الكوفة، فقتله الدَّعيُّ ابن زياد صبرا. وفيهم قيل:
عينِ جودي بعَبرةٍ وعويل ... واندُبي إن نَدبتِ آل الرسولِ
سبعةُ كلُّهم لصلب عليٍّ ... قد أُصيبوا وتسعةٌ لعقيلِ
فأما جعفر بن أبي طالب: فأسلم قديما في أول الإسلام، وهاجر إلى أرض الحبشة، ومعه امرأته أسماء بنت عُميس الخثعميَّة، فولدت له بها عبد لله ومحمدا وعونا. وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أرض الحبشة يوم فتح خيبر فعانقه النبي صلى الله عليه وسلم وسُرَّ بقدومه، وقال:" ما أدري بأيَّ الأمرين أنا أُسرُّ: بقدوم جعفر أم بفتح خيبر؟ ". وقال عليه السلام له:" أشبهت خَلقي وخُلقي ". خرَّج هذا الحديث البخاريُّ والترمذيُّ. واختطَّ له وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنب المدينة. وقال أبو هريرة: ما ركب الكور ولا احتذى النَّعال ولا وطئ التُّراب أحد بعد وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من جعفر. أخرج هذا الحديث التّرمذيُّ. وكان يكنى أبا عبد الله. وعبد الله ابنه أول مولود في الإسلام بأرض الحبشة.
وكان أجود العرب، وأخباره في الجود كثيرة. وكان لا يرى بسماع الغناء بأسا. وحفظ عن وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى عنه. مسلم: حدَّثنا يحيى ابن يحيى التميميُّ وعبد الله بن عون الهلاليُّ قال: رأيت وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل القثَّاء بالرُّطب. وتوفي بالمدينة سنة ثمانين، وهو ابن تسعين سنة، وصلى عليه أبان بن عثمان، وهو يومئذ أمير المدينة لعبد الملك بن مروان.
وأما محمد بن جعفر فكان يكنى أبا القاسم، واستُشهد بتُسْتَر. وحلق وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه ورأس أخويه حين جاء نعيُّ أبيهم جعفر سنة ثمان ودعا لهم. وقال:" أنا وليُّهم في الدنيا والآخرة ". وقال:" أما محمد فشبيه عمِّنا أبي طالب ". وهو الذي تزوَّج أمَّ كلثوم بنت عليٍّ بعد عمر رضي الله عنه.