للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عبد الله بن مسعود: اجعلوا إمامكم خيركم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل إمامنا خيرنا بعده. وروى الحسن البصريُّ عن قيس بن عباد، قال: قال عليُّ بن أبي طالب إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرض ليالي وأياما يُنادي بالصلاة، فيقول: " مُروا أبا بكر فليصلِّ بالناس ". فلما قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرت فإذا الصلاة عَلَم الإسلام وقوام الدين. فرضينا لدنيانا من رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا، فبايعنا أبا بكر. وبويع أبو بكر رضي الله عنه في سقيفة بني ساعدة قبل أن يُدفن النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ثم بويع من الغد بيعة العامَّة.

ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر غائب عند امرأته حبيبة بنت خارجة بن زيد الأنصاريِّ خارج المدينة بالسُّنْح، فبلغه الخبر، فجاء مسرعا، فوجد الناس قد اختلفوا في موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمر يقول: إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله تُوفِّيَ، والله ما مات رسول الله، ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى ابن عمران، فقد غاب عن قومه أربعين ليلة، ثم رجع إليهم. والله ليرجعنَّ رسول الله كما رجع، فليقطعنَّ أيدي رجال وأرجلهم زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات. وأقبل أبو بكر حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت عائشة ورسول الله صلى الله عليه وسلم مُسجّىً في ناحية البيت، عليه بُرد حِبرة، فأقبل حتى كشف عن وجهه، ثم أقبل عليه، فقبَّله ثم قال: بأبي أنت وأمي، أما الموتة التي كتبها الله عليك فقد ذقتها، ثم لن تصيبك بعدها موتة أبدا. ثم ردَّ البُرد على وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم خرج وعمر يكلِّم الناس. فقال أبو بكر رضي الله عنه: على رسلك يا عمر، أنصت. وكان عمر قد زَوَّر في نفسه كلاما أراد أن يتكلم به قبل أن يتكلم أبو بكر فقال: على رسلك يا عمر، أنصِت، فإنك ستُكفى الكلام، فأبى إلا أن يتكلَّم، فلما رآه أبو بكر لا يُنصت أقبل على الناس فلما سمع الناس كلامه أقبلوا عليه، وتركوا عمر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيُّها الناس مَن كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات؛ ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌّ لا يموت. قال: ثم تلا هذه الآية:) وما محمَّدٌ إلا رسولٌ قد خلتْ من قبله الرُّسُلْ أفإن ماتَ أو قُتل انْقلبتم على أعقابكم، ومنْ ينقلب على عَقبيهِ فلن

<<  <  ج: ص:  >  >>