يضُرَّ اللهَ شيئاً وسَيجزي الله الشاكرين (قال: فوالله لكأنَّ الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت حتى تلاها أبو بكر يومئذ، وأخذها الناس عن أبي بكر فإنما هي في أفواههم. قال عمر: فوالله ما هو إلاَّ أن سمعت أبا بكر تلاها، فعفرت إلى الأرض وما تحملني رِجلاي، وعرفت أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات، ولم يدع شيئا مما زوَّرتُ في نفسي من الكلام إلا تكلم به، وهو كان أعلم مني وأوقر.
ثم اجتمع المهاجرون والأنصار، عند سقيفة بني ساعدة، فبايعوا أبا بكر رضي الله عنه في ذلك اليوم، ثمَّ بايعوه بيعة أخرى من الغد عن ملأ منهم ورضى. وهو القائل في خطبته لما بويع بيعة العامَّة بعد ما حمد الله وأثنى عليه: أما بعد أيها الناس، فإني قد وُلِّيتُ عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني؛ وإن أسأت فقوَّموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقَّه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحقَّ منه إن شاء الله. لا يدع قوم الجماعة في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذِّل، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمَّهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله، فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم.
ولمّا بويع رضي الله عنه إشرابَّ النفاق، وارتدَّت العرب، ومنعوا الزكاة. فاظهر العزم رضي الله عنه، وقاتلهم عليها حتى أطاعوا بها، وقال: والله لو منعوني عقالا ممَّا كانوا يؤدَّونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه، فكشف الله به الكربِّة من أهل الرِّدة، وقام به الدين.
ويروي أن عمر بن الخطاب بلغة أن أقواما يفضِّلونه على أبي بكر الصديق رحمه الله، فوثب مغضبا حتى صعد المنبر فحمد الله وصلى على نبيَّه محمَّد عليه السلامَّ، ثم قال: أيها الناس، إني سأخبركم عني وعن أبي بكر أنه لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرتدَّت العرب، ومنعت شاتها وبعيرها، فاجتمع رأينا كُلِّنا أصحاب محمد، أن قلنا له: يا خليفة رسول الله، إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقاتل العرب بالوحي والملائكة ويُمدُّه الله بهم، وقد