للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انقطع ذلك اليوم، فالزم بيتك ومسجدك، فإنه لا طاقة لنا بقتال العرب، فقال الصدِّيق رحمه الله: أو كلُّكم رأيه على هذا؟ فقلنا: نعم. فقال، والله لأن أَخِرَّ من السماء فتخطَّفني الطَّير أحبُّ إليَّ من أن يكون هذا رأيي. ثم صعد المنبر فحمد الله وكبَّره، وصلى على نبيه عليه السلام، ثم أقبل على الناس، فقال: أيها الناس، من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات؛ ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌّ لا يموت؛ أيها الناس، أأن كثر أعدادكم، وقلَّ عُدُوُّكم ركب الشيطان منكم هذا المركب، والله ليظهرن الله هذا الدين على الأديان كلِّها، ولو كره المشركون. وقوله الحقُّ، ووعده الصِّدق بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق. وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، والله مع الصابرين. والله أيها الناس، لو أُفرِدْت من جميعكم لجاهدتهم في الله حقَّ جهاده حتى أبلي بنفسي عذرا، أو أُقتَل قتلا. والله أيها الناس، لو منعوني عقالا لجاهدتهم عليه، فاستعنت عليهم الله، وهو خير معين. قال: ثم نزل فجاهد في الله حقَّ جهاده، حتى أذعنت العرب بالحقِّ.

وكانت لأبي بكر رضي الله عنه من البنين عبد الرحمن وعبد الله، ومحمد، ومن البنات: عائشة، وأسماء، وأمُّ كلثوم.

فأمَّا عبد الرحمن فهو أخو عائشة لأُمها وأبيها، أُمُّها أُمُّ رومان وقد تقدم ذكرها عند ذكر عائشة رضي الله عنها. وشهد عبد الرحمن بدرا مع المشركين فلقيه أبو بكر فقال: أين مالي يا خبيث فقال: لم يبق إلا شكَّة ويعبوب وصارم يقتل ضُلاَّلَ الشيب. ثم أسلم فحسن إسْلاُمُهُ في هُدنة الحُدَيبية. وكان أسنَّ ولدِ أبي بكر وكان امرأً صالحا، وكان من أشجع قريش، وأرماهم بسهم. وحضر اليمامة مع خالد بن الوليد، فقتل سبعة من كبارهم، شهد له بذلك جماعة من أصحاب خالد. ويُكنى أبا عبد الله، وقيل: أبا محمد بابنه أبي عتيق محمد. وهو الذي دخل على عائشة يوم مات سعد بن أبي وقَّاص، فدعا بوضوء فقالت له عائشة: يا عبد الرحمن أسبغ الوضوء، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ويل للأعقاب من النار ".

وهذا الحديث من بلاغات مالك في الموطَّأ، وهو حديث صحيح، رُوي عن

<<  <  ج: ص:  >  >>