وأُمُّ أبي بكر رضي الله عنه أمُّ الخير، واسمها سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعيد بن تميم بنت عم أبي قُحافة. قال الزبير بن بكَّار؛ كانت من المبايعات، بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال ابن دأب: أمُّ أبي بكر الصديق رضي الله عنه أمُّ الخير عند اسمها. وأسلم أبو قحافة يوم فتح مكة، وهو شيخ كبير وأتى به النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر، وهو يقوده، وقد كفَّ بصره، وذلك حين دخل المسجد يوم الفتح فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:" هلاّ تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه ". قال أبو بكر يا رسول الله هو أحقُّ أن يمشي إليك من أن تمشي إليه أنت، فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ثم مسح صدره ثمَّ قال له: أسلم، فأسلم. فدخل به أبو بكر وكانَّ رأسه ثغامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" غيِّروا هذا من شعره ". والثَغام: شجر زهره أبيض، يشبه به الشَّيب.
مسلمُ: حدثني أبو الطاهر قال: حدثني عبدُ الله بن وهْب، عن ابن جُريحٍ عن أبيْ الزُّبير، عن جابر بن عبدِ الله، قال: أُتيَ بأبي قُحافَةَ يوم فتح مكة، ورأسُه ولحيتُه كالثَغامَةِ بياضا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" غيِّروا هذا بشيء واجْتَنبوا السَّوادَ ". ولما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتجَّتْ مكةُ، فسمعَ ذلك أبو قُحافةَ، فقال: ما هذا؟ فقيل له: مات رسول الله، فقال: أمْرٌ جَلَل، فَمنْ وَليَ الأمر بعْدَه؟ قالوا: ابنُكَ أبو بكر. فقال: هل رضيتْ بذلك بنو عبدِ مناف وبنو المغِيِرة؟ قالوا: نعم. قال: لا مانعَ لِما أَعطى اللهُ ولا مُعطي لما مَنعَ اللهُ. وكانتْ وفاةُ ابنهِ أبي بكر قبلَه، فوَرِثَ مِنْه السُّدسَ، فَردَّه على ولدِ أبي بكر. وأبو قُحَافَةَ أثقلُ الناس ميزاناً يومَ القيامةِ بَعْدَ الأنبياء، لأنَّ أبا بكر في ميزانهِ. ومات أبو قُحافَةَ سنة أربعَ عشرةَ، وهو ابن سَبْعٍ وتسعين سَنةً في خلافة عُمرَ رضيَ الله عنه.
وأَعْتَق أبو بكر رضيَ الله عنهُ سَبْعَ رقابٍ كُلهُّم يُعذَّب في الله، وهم: بلالٌ وعامرُ بن فُهَيْرَةَ وأُمُّ عُبيس وزُنَيّرةُ فأصيبَ بصرُها حين أعتقَها، فقالت قريش: ما أذْهب بصرَها إلا اللاًّتُ والعُزَّى. فقالت: كذبوا وبيت الله، ما تضرُّ اللات والعزَّى ولا تنفعان. َفردَّ اللهُ إليها بصرها. وأعتق النَّهديَّة وابنتها، وكانتا لامرأة من بني عبد الدار، وجارية بني المؤمَّل، حيّ من بني عديِّ بن كعب، وكانت