للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسلمة، وكان عمر بن الخطَّاب يعذبها لتترك الإسلام، وهو يومئذ مشرك.

فأمّا بلال: فهو بلال بن رباح، وكان اسم أمِّه حمامة. وكان، رضي الله عنه، صادق الإسلام، طاهر القلب، شحيحا على دينه، وعُذِّب في الله كثيرا فصبر. وقال محمد بن عبد السلام الخُشنيُّ: حدثنا أبو موسى محمد بن المثنَّى العنزيُّ الزَّمِن: نا يحيى بن أبي بُكَيرة: نا زائدة عن عاصم، عن زر عن عبد الله، قال: كان أول من أظهر الإسلام سبعة: رسول الله وأبو بكر وعمَّار وأمُّه سُميَّة وصهيب والمقداد وبلال. فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمِّه أبو طالب. وأمَّا أبو بكر فمنعه الله بقومه. وأمَّا سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم أدراع الحديد، وصهروهم في الشمس. فما منهم إنسان إلا وقد واتاهم على ما أرادوا، إلا بلال فإنه هانت عليه نفسه في الله، وهان على قومه، فأعطوه الولدان. فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة، وهو يقول: أحدٌ أحد. وقال الحافظ أبو الحسن: عليُّ بن عمر الدَّارقُطنيُّ: روى عن بلال جماعة من الصحابة منهم: أبو بكر الصدِّيق، وعمر بن الخطاب، وأسامة بن زيد، وعبد الله بن عمر، والبراء بن عازب، وغيرهم. وقال غيره: وروى عنه كبار تابعي المدينة والشام والكوفة. قال عمر رضي الله عنه: كان أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا يعني بلالا. وروى ابن وهب وابن القاسم عن مالك، قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال: " يا بلال دخلتُ الجنة فسمعتُ بها خَشْفا، قال: والخَشْف. الوطء والحشُّ. فقلت: " من هذا؟ قيل: بلال ". قال: وكان بلال إذا ذكر ذلك بكى. وكان أمية بن خلف ممَّن يوالي على بلال العذاب والمكروه، فكان من قدر الله أن قُتل على يدَي بلال، حرَّض عليه الأنصار حين رآه أسير عبد الرحمن بن عوف حسبما أتى في السيرة لابن إسحاق. فقال أبو بكر رضي اله عنه أبياتا منها:

هنياً زادَكَ الرحمنُ خيراً ... فقد أدْركْتَ ثارَكَ يا بلالُ

وكانت له أخت تسمى غفرة. وهي مولاة عمر بن عبد الله مولى غُفرة المحدِّث المصريِّ. وكان فيما ذكروا، آدم شديد الأُدَمَة، نحيفا طُوالا، خفيف

<<  <  ج: ص:  >  >>