وكان كلما خرج قوم من تهامة أرَّخوا مخرجهم. ومن بقي بتهامة من بني إسماعيل يؤرخون من خروج سعدٍ ونهدٍ وجهينة بن زيد من تهامة حتى مات كعب بن لؤي فأرَّخوا من موت كعب بن لؤي إلى الفيل. فكان التاريخ من الفيل حتى أرَّخ عمر بن الخطاب من الهجرة، وذلك سنة سبع عشرة أو ثمان عشر.
الطبري: حدثني محمد بن إسماعيل قال: لا أبو نعيم الفضل بن دكين عن الأسود بن يزيد، عن عبيد بن عمير قال: إن المحرم شهر الله تبارك وتعالى وهو رأس فيه يكسى البيت ويؤرَّخ التاريخ، ويضرب فيه الورق. وفيه يوم كان تاب فيه قوم، فتاب الله عليهم. وقال: حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: نا نعيم بن حمَّاد، قال: نا الدَّراورديُّ عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع، قال: سمعت سعيد بن المسَّيب يقول: جمع الناس فسألهم فقال: من أي يوم نكتب؟ فقال عليَّ: من يوم هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترك أرض الشِّرك، ففعله عمر رحمه الله. وقدم التاريخ على الهجرة، وذلك أن أول السنة المحرَّم. فبين التاريخ وهجرة شهران واثنا عشر يوماً. وهو أول من تسمَّى بأمير المؤمنين. وذكر الزبير بن بكار قال: قال عمر لما ولي: كان أبو بكر يقال له خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف يقال لي: خليفة خليفة؟ يطول هذا! قال: فقال المغيرة بن شعبه: أنت أميرنا ونحن المؤمنون، فأنت أمير المؤمنين. قال: فذاك إذن. وحدث أبو بكر بن سليمان بن أبي حيثمة قال: حدثتني الشفاء، كانت من المهاجرات الأول وكانت جده أبي بكر أم أبيه، أن عمر بن الخطاب كتب إلى عامل العراق أن ابعث إلي رجلين جليدين نبيلين أسألهما عن العراق وأهله. فبعث أليه عامل العراق لبيد بن ربيعة العامري وعديَّ بن حاتم الطائيَّ. فلما قدما المدينة أناخا راحلتيهما بفناء المسجد ثم دخلا المسجد فإذا هما بعمرو بن العاصي، فقالا له: أستأذن لنا على أمير المؤمنين يا عمرو. فقال عمرو: أنتما والله أصبتما اسمه، نحن المؤمنون وهو أميرنا. فوثب عمرو فدخل على عمر فقال له: السلام عليك يا أمير المؤمنين. فقال عمر: ما بدا لك في هذا الاسم، يعلم الله لتخرجن مما قلت. قال: إن بيد بن ربيعةَّ وعديَّ بن حاتم قدما فأناخا راحلتيهما بفناء المسجد، ثم دخلا المسجد وقالا لي: أستأذن لنا يا عمر على أمير المؤمنين، فهما والله أصابا اسمك، أنت الأمير