قال المؤلف غفر الله له: وهذا الخبر وإن لم يكن في وصف عمر رضي الله عنه فإنه سؤال منه لجارٍ على سننه القويم في الفضل المستمرِّ العميم. استخرج منه بسؤاله حكمةً دلَّت على رصانة عقله ورسوخ دينه وفضوله، إذ عضدها بما تلا من الذكر الذي كان عمر وقَّافاً عنده. ويبذل في العمل به واتِّباعه جهده، إذا ذكِّر به رضي الله عنه بكى واستكان، وخشع قلبه لاستماعه لان. كان قوياً في بدنه ودينه، مصيباً بصدق فراسته في ظنونه. رضي الله عنه وعن السابق قبله بالخلافة والفضل، وعن القائمين بعده للعمل ِبمرِّ الحقِّ، ومألوف العدل آمين.
وكان لعمر رضي الله عنه من الولد: عبد الله وعبد الرحمن الأكبر وعبد الرحمن الأوسط وعبد الرحمن الأصغر وعبيد الله وعاصم وزيد.
فأما عبد الله بن عمر فأسلم قديماً مع أبيه بمكة، وهو صبي صغير، وهاجر قبل هجرة أبيه، وأجمعوا أنه لم يشهد بدراً، واختلفوا في شهوده أحداً. والصحيح أنَّ أول مشاهده الخندق. ويروي عن نافع ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ردَّ ابن عمر يوم أحدٍ لأنه كان ابن أربع عشرة، وأجازه يوم الخندق، وه ابن خمسة عشرة، وشهد بيعة الرَّضوان. ولم يتخلَّف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الخندق. وروى سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ قال: أدرك ابن عمر الفتح وهو ابن عشرين سنةً، يعني فتح مكة. وكان رحمه الله من أهل الورع والعلم، وكان كثير الاتِّباع لآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد التَّحرِّي والاحتياط والتَّوقِّي في فتواه وكلِّ ما يأخذ به نفسه. وكان مولعاً بالحج، ويقولون: إنه كان من أعلم الصحابة بمناسك الحجِّ. وقال ميمون ابن مهران: ما رأيت أروع من ابن عمر ولا أعلم من ابن عباس. وروى ابن وهبٍ عن مالك قال: بلغ عبد الله بن عمر ستاً وثمانين سنةً، وأفتى في الإسلام ستين سنةً، ونشر نافع عنه علماً جماً.
وقال جابر بن عبد الله: ما منَّا أحد إلا مالت به الدنيا ومال بها ماخلا عمر وابنه عبد الله. وقال عبد الله بن مسعودٍ: إنَّ أملك شباب قريشٍ لنفسه من الدنيا عبد الله بن عمر. وقال ابن عمر: كان الرجل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤية قصَّها على النبي صلى الله عليه وسلم. فتمنيت أن