المواضع التي كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم وقف فيها. فكان يعزُّ على الحجاج ويسوؤه، حتى صنع ما ذكر، جرأة على ارتكاب الكبائر وقلة مبالاةٍ بالقصاص، يوم ابتلاء السرائر. فكم دماء حرامٍ سفكها، وحرم مستحقَّةٍ للصَّون انتهكها، دلاَّه الشيطان بغروره، فأسخط ربَّه برضى أميره. ونعوذ بالله من المهلكات: القسوة والحسد والحقد واللجاج، التي كانت مستكنَّةً بين جنبي الحجاج. ونسأله لين القلوب، وسلامة الصدور والرضى بأمر الله المقدور.
وولد عبد الله بن عمر عبد الله وأمُّه صفية بنت أبي عبيدٍ أخت المختار، وسالما أمُّه أمُّ ولدٍ وعبيد الله وعبد الرحمن وعاصماً وحمزة واقداً وزيداً وبلالاً.
فأما عبد الله بن عبد الله بن عمر فكان من رجالات قريش، وكان وصيُّ أبيه، وله عقب بالمدينة، منهم: عمر بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر، كان على كرمان للمهديَّ. ثم استعمله موسى على المدينة.
وأخوه عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر العمريُّ الزاهد. كان من أزهد الناس وأعبدهم وأفضلهم. وهلك في باديته قرب المدينة. وروي عنه الحديث. وكتب إلى مالك وابن أبي ذيبٍ وغيرهم من علماء المدينة كتباً أغلظ لهم فيها، وقال: أنتم علماء تميلون إلى الدنيا، وتلبسون اللِّين، وتدَّعون التقشف، فيراكم الناس، فيفعلون ذلك. فأما ابن أبي ذيب وغيره فكتب إليه كتباً مغلظة: إنك انتقلت عن دار الهجرة إلى الأعرابية. وأما مالك فكتب إليه:" فهمتُ خطابَكَ، ووجدتُ أبوابَ الخير عطايا من الله تعالى، قسمَها بين عبادهِ، فيقسم للرجل حظاً من الصيام والصلاة، ولا يقسم له حظاً من العلم. ولعمري لو اجتهد في طلب العلم مع اجتهاد في الصلاة والصيام لكان أفضل. ويقسم للرجل في الجهاد، ولا يقسم له اجتهاداً في الصوم والصلاة. ولو جمع الاجتهاد في الصوم والصلاة مع الجهاد لكان أفضل. فرأيت الأمور عطايا من الله، يقسم للرجل في الباب من الخير مالا يقسم له في غيره من أبواب البرِّ ".
فقرأ كتبهم. فلما دخل عليه الناس قرأها عليهم، ثم قال: ما قدَّم مالكاً إلا عقله وفضله. ولا جرم، لا ذكرت مالكاً بسوء أيضاً. وقال موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباسٍ لعبد الله بن عبد العزيز العمريِّ