ضربه آخر بمشقص في رأسه فخرَّ. وكان في حجره المصحف فقطرت قطرة أو قطرات من دمه على قوله تعالى:) فسيكفيكهُمُ الله (. ثم قال الثالث: والله لا رمتُ حتى أمثِّل بنعثل، يعني عثمان. فأكبَّت عليه امرأته نائلة بنت الفرافصة الكلبيَّة. فأدخل السيف من بين رجليها فوضعت يدها على بطنه فقطع السيف من يدها إصبعين، ومضى السيف في بطن عثمان فقتله فبعثت بإصبعيها وبقميص عثمان، فيه دمه، إلى معاوية في الشام، فكان ذلك مما حرَّض معاوية ومن معه، على الطلب بدم عثمان.
وقيل إنه دخل عليه رومان بن سرحان؛ رجل أزرق قصير، عِداده من مراد وهو أصبحيٌّ معه خنجر، فاستقبله به، وقال: على أيِّ دين أنت يا نعثل؟ فقال عثمان: لستُ بنعثل، ولكني عثمان بن عفان، وأنا على ملَّة إبراهيم حنيفا مسلما، وما أنا من المشركين. فقال: كذبت، وضربه على صدغه الأيسر فقتله. وأدخلته امرأته نائلة بينها وبين ثيابها وكانت امرأة جسيمة. ودخل رجل من أهل مصر. ومعه السيف مصلتا، فقال: والله لأقطعنَّ أنفه. فعالج المرأة وكشف عن ذراعيها، وقبضت على السيف فقطع إبهامها، فقالت لغلام لعثمان، يقال له رباح، ومعه سيف عثمان: أعنِّي على هذا وأخرجه عنِّي. فضربه الغلام بالسيف فقتله. وأقام عثمان يومه ذلك مطروحا إلى الليل.
وقيل: أن محمد بن أبي بكر أخذ بلحيته فهزَّها وقال: ما أغنى عنك معاوية، وما أغنى عنك ابن أبي سرح، وما أغنى عنك ابن عامر فقال له: يا ابن أخي أرسل لحيتي، فوالله إنَّك لتجبذ لحية كانت تعزُّ على أبيك، وما كان أبوك يرضى مجلسك هذا مني. فيقال: أنه حينئذ تركه وخرج عنه. ويقال: إنه حينئذ أشار إلى من معه فطعنه أحدهم وقتلوه، والله أعلم.
وقال أسد بن موسى: حدثنا محمد بن طلحة: نا كنانة مولى صفية بنت حيي بن أخطب، قال: قال: شهدت مقتل عثمان فأُخرج من الدار أمامي أربعة من شباب قريش، مضرَّجين بالدم، محمولين، كانوا يدرؤون عن عثمان: