للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتَّبعته. فزعموا أنه قال له: أمَّا إنه لم يدعك إلا إلى خير فألزمه.

وروى سلمة بن كُهيل عن حَبَّة بن جُوين قال: سمعت عليا رضي الله عنه يقول: " لقد عبدت الله قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة خمس سنين ".

ولمّا دبَّرت قريش في دار النَّدوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة بيسير ما دبَّرت، وأرادوا المكر به، ومعهم إبليس في صورة شيخ نجديٍّ، أتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه. قال: فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ناموا، فيثبون عليه. فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانهم قال لعلي بن أبي طالب: " نم على فراشي، وتسجَّ بردي هذا الحضرميَّ الأخضر، فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شيْ تكرهه منهم ".

قال محمدُ بن كعب القرظيُّ: اجتمعوا له وفيهم أبو جهل بن هشام فقال، وهم على بابه: إن محمد يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم، ثم بُعثتم من بعد موتكم، فجُعلت لكم جنان كجنان الأُردنِّ، وإن لم تفعلوا كان لكم فيه ذبح، ثم بُعثتم من بعد موتكم، فجعلت لكم نار تُحرقون فيها. قال: وخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ حفنة من تراب في يده ثم قال: " نعم، أنا أقول ذلك، أنت أحدهم ". وأخذ الله تعالى على أبصارهم عنه، فلا يرونه. فجعل ينثو ذلك التراب على رؤوسهم، وهو يتلو هؤلاء الآيات من يس:) يس والقرآن الحكيم إنَّك لَمِنَ المُرسلين (إلى قوله تعالى:) وجَعانا من بين أيديهمْ سداً ومن خلفهم سَدَاً فأغْشيناهم فهم لا يُبصرون (حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الآيات، ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابا. ثم انصرف إلى حيث أراد. فأتاهم آت ممَّن لم يكن معهم، فقال: ما تنتظرون هاهنا؟ قالوا: محمد. قال: خيَّبكم الله، قد والله خرج عليكم محمد، ثم ما ترك منهم رجلا إلا وقد وضع

<<  <  ج: ص:  >  >>