للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيُّ رَزِيَّةٍ عَدلتْ حُسينا ... غداةَ تُبيرُهُ كفَّا سِنانِ

ولمَّا أدخل أهله على يزيد بن معاوية بالشام، وهم في حال سيئة، وكانوا على الأقتاب، لم يوطَّاُ في طريقهم إليه. قالت له أمُّ كلثوم بنت علي من غير فاطمةَ: يا يزيدُ، بنات رسول الله سبايا أذلَّة!! فقال: بل كرام أعزَّة. وبكى، وأمر بإدخالهم إلى حرمه.

وجعل بين يدي يزيد عليُّ بن الحسين الأصغر، وهو زين العابدين. وكان عليُّ الأكبر قُتل مع الحسين مع جملة من قتل من بنته وبني أخيه الحسن وبني عمِّه عقيل. فقرأ يزيد:) وما أصابكم من مُصيبةٍ فَبِما كسَبتْ أيديكمُ ويَعفو عن كَثير ". فقال لا تقل ذلك يا يزيد، ولكن قل:) ما أصابَ من مصيبةٍ في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتابٍ من قبل أن نُبْراها، أن ذلك على الله يسير (.

واستشار يزيد أهل الشام في من بقي من ولد الحسين وولد أخيه الصِّغار. فقال له بعض الأشقياء منهم: لا تَتَّخذُ من كلب سوء جرواً يا أمير المؤمنين. فقال النعمان بن بشير: اصنع بهم يا أمير المؤمنين ما كان يصنع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لو رآهم على هذا الحال. فأمر بإنزالهم وإكرامهم. ثم قال: لو كان بينهم وبين من عضَّ بظر أمِّه نسب، يعنى ابن زياد ما قتلهم، ثم ضرب عليهم القبقاب بعدما أدخلوا الحمَّام، وأمال عليهم المطبخ، وكساهم، وأخرج لهم جوائز كثيرة، وبعث معهم من ردَّهم إلى المدينة.

وأُتي يزيد برأس الحسين عليه السلام. فلما وضع بين يديه جعل ينكت أسنانه بقضيب كان في يده ويقول: كان أبو عبد الله صبيحا. فقال النعمان بن بشير: ارفع يدك يا يزيدُ عن فم طالما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>