آل أبي طالب بايعوا عمَّه إبراهيم بن المهدي، وهو الذي كان يقال له: ابن شَكْلة. وخبره مع المأمون مشهور. وكان أسود حسن الصوت والغناء.
ومات الرِّضى بخراسان، فصرف المأمون عن الطالبيِّن الأمر، ورجع هو وأهل دولته إلى أهل السواد.
وأما زيد بن علي بن الحسين فكان يُكنى أبا الحسين، وأمُّه سنديَّة. وكان بعيد الهمَّة، شريف النفس سديد القول، بليغ المنطق. حدَّث شَبابة ابن سَوَّار الفزاريُّ قال: حدَّثني ... ابن أبي الصَّبَّاح الكوفيُّ، عن أبي سلمة يحيى بن دينار، عن أبي المُطهَّر الوراق قال: بينما زيد بن علي في بعض أزقة الكوفة إذ بصُرَ به رجل من الشيعة، فدعاه إلى منزله فأحضرهُ طعاما. فتسامعت به الشيعة، فدخلوا عليه حتى غَصَّ المجلس منهم فأكلوا معه، ثم استسقى فقالوا أي شراب نسقيك يا بن رسول الله؟ قال: أصلبه وأشدُّه. فأتوه بعُسٍّ من نبيذ، فشرب. ودار العُسُّ عليهم فشربوا. ثم قالوا: يا بن رسول الله، لو حدَّثتنا في هذا النَّبيذ بحديث رويته عن أبيك، عن جدِّك، فإن العلماء يختلفون فيه. فقال زيد: حدَّثني أبي عن جدي أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: " لتركبنَّ طبقة بني إسرائيل القُدَّة بالقُدَّة، والنَّعلَ بالنَّعل. ألا وإن الله ابتلى بني إسرائيل بنهر طالوت، حلَّ منه الغرفة والغرفتين، وحرَّم منه الرِّيَّ. وقد ابتلاكم بهذا النبيذ، أحلَّ منه القليل وحرَّم منه الكثير ". فكان أهل الكوفة يُسمُّون النبيذ نهر طالوت.
شبابة بن سَوَّار: راوي هذا الخبر هو مولى لفزارة من أهل بغداد من أبناء أهل خراسان. وتحوَّل إلى المدائن، فنزل بها، ثم خرج إلى مكة فأقام بها حتى مات. وروى مسلم في صحيحه عن ابن أبي شَيْبةَ أبي بكر، عن شبابة وعن زهير بن حرب عنه، وعن حجّاج بن الشاعر ومحمد بن رافع وإسحاق بن إبراهيم