للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُضحيَّته. ولن تقدروا على ذلك، فأعينوني بورع واجتهاد. فمتاع الدنيا صائر إلى نفاد والله ما ادَّخرت من دنياكم تبرا، ولا أخذت من أقطارها شبرا. وإن قوتي فيها لبعض قوت أتان دبرة، ولهي عندي أهون من عصفة مَقِرة) تلك الدارُ الآخرةُ نجعلُها للذين لا يُريدون عُلوّاً في الأرضِ ولا فساداً والعاقِبةُ للمُتَّقين (. ولو شئت لأهديت إلى هذا العَسل المصفَّى ولُباب البُرِّ المُربَّى حين يُنضجه وَقودُه. هيهات أن يَغُرَّني معقودُه. ولعلَّ يتيما في المدينة يتضوَّر من سغَبه، أأبيت مِبطانا، وحولي بطون غَرثى؟ إذا يَخصُمُني في القيمة دَهْم من ذكر وأُنثى، وكأن بِقائلكم يقول: إذا كان هذا قوت أمير المؤمنين فقد قَعد به العجز عن مبارزة الشجعان ومنازعة الأقران، ألم تسمعوا الله يقول:) فما وهَنُوا لِما أصابهم في سبيل الله وما ضَعُفوا وما استكانُوا واللهُ يحبُّ الصابرين (.

والله ما اقتلعت باب خيبر بقوة جسدانيَّة ولا بحركة غذائية، لكنِّي أُيِّدت بقوة ملكوتيَّة. وأنا من أحمد كالضوء من الضَّوء. والله لو تظاهرت العرب على قتالي ما باليت، ولو أمكنتي من رقابها ما بغيت:) وسيعلمُ الذينَ ظلموا أيَّ مُنْقلب يَنقلبونَ (. إليك عني يا دنيا، حَبْلُكِ على غارِبكِ، بَثَثْتِ ليَ الحِبالةَ، فانسَللتُ من مخالبِك، ورأيتُ آثار مكائدِك، فاجْتَنبت العبور في مراحِضِك. أين القُرون التي أفنيْتَها بزَخارِفِك، وفي حبائلك أوقعتِها ومتالفِك. والله لو كنت شخصا مَرْئيا أو طَالا حِسِّيا لأقمت عليكِ حدود الله في عباد أسلمْتِهمْ إلى التلف، وأوردْتِهِم مَوارِد الهلكة والأسف هَيْهات هَيهات. مَن وَطِيء رَحضَكِ زلِق، ومَن شرب مِن مائك شرِق. والسالم منك قليل، وعزيزُك وإن عظُم حقير ذليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>