الحضرميَّ، قال: نا الأسود بن شَيبان عن أبي نوفل قال: رأيت عبد الله بن الزبير على عقبة المدينة، قال: فجعلت قريش تمر عليه والناس حتى مرَّ عبد الله ابن عمر فوقف عليه فقال: السلام عليك أبا ضُبيب، السلام عليك أبا ضبيب، السلامُ عليك أبا ضبيب. أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا، أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا، أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا. أما والله إن كنت ماعملت صوّاما قوَّاما وصولا للرَّحم. أما والله لأمَّة أنت شرُّها لأمة خير. ثم نفذ عبدُ الله بن عمر فبلغ الحجاج موقف عبد الله وقوله، فأرسل إليه، فأنزل عن جذعه فألقي في قبور اليهود. ثم أرسل إلى أمَّه أسماء بنة أبي بكر الصدِّيق، فأبت أن تأتيهُ، فأعاد عليه الرسول: لتأتينِّي أو لأبعثن إليك من يسحبُك بقرونك، قال: فأبت وقالت: والله لا آتيك حتى تبعث إليَّ من يسحبُني بقروني. قال: فقال: أرُوني سِبْتَيَّ، فأخذ نعليه، ثم انطلق يَتَوذَّف حتى دخل عليها، فقال: كيف رأيتني صنعتُ بعدوِّ الله؟ قالت: رأيتُك أفسدت عليه دُنياهُ وأفسد عليك آخرتك. بلغَني أنك يقول له: يابن ذات النِّطاقين، أنا والله ذات النطاقين، أمَّا أحدهما فكنت أرفع به طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعام أبي بكر الصديق من الدوابِّ، وأما الآخر فنطاق المرأة التي لا تستغني عنه. أما إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حدَّثنا أن في ثقيف كذَّابا ومبيرا، فأما الكذاب فرأيناه، وأما المبير فلا إخالك إلا إياه. قال: فقام عنها ولم يراجعها.
وقال يعلي بن حرملة: دخلتُ مكة بعدما قُتل ابن الزبير بثلاثة أيام فإذا هو مصلوب، فجاءته امرأة عجوز طويلة مكفوفة البصر تُقاد، فقالت للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينزل؟ فقال لها الحجاج: المنافق؟ فقالت: والله ما كان مُنافقا، ولكنه كان صوَّاما قوَّاما بَرَّاً. قال: انصرفي فإنك عجوز وقد خرفت. قالت: لا والله ما خرفت، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يخرج في ثقيف كذابٌ ومُبيرٌ. أما الكذابُ فقد رأيناه، وأما المُبيرُ فأنت المُبيرُ. وقيل: إن الكذاب هو المختار بن أبي عُبيد الثقفيُّ. وذكر أن الحجاج حين ذكرت له هذا الحديث قال لها: اللهمَّ مُبيرٌ لا كذاب.