للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن أبي مُلَيْكة واسمه عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مُليكة. واسم أبي ملكية زهير بن عبد الله بن جُدعان التَّيميُّ تيمُ قريش: كنت الآذن لِمن بشَّر أسماء بنزول ابنها عبد الله بن الزبير من الخشبة. فدعت بِمركن وشَبٍّ يمانيٍّ وأمرتني بغسله. فكنا لا نتناول عضوا إلا جاء معنا. فكنا نغسل العضو ونضعه في أكفانه، ونتناول العضو الذي يليه فنغسله ونضعه في أكفانه. حتى إذا فرغنا منه قامت فصلَّت عليه، وكانت تقول قبل ذلك: اللهمَّ لا تمُتْني حتى تُقرَّ عيني بجثَّته، فما أتت عليها جُمعة حتى ماتت.

وقيل: إن عروة بن الزبير رحل من مكة إلى دمشق بعدما قتل الحجاجُ أخاه عبد الله. فلما وقف بباب عبد الملك قال للحاجب، قل لأمير المؤمنين: أبو محمد بالباب. فارتاع الحاجب وقال: ما أجفاك يا هذا! إنَّ أمير المؤمنين لا يُستأذن عليه بالكنى. فقال: إنك إن لم تفعل ما أمرتك به عاقَبَك. فدخل الحاجب مغضبا، فقال له عبد الملك: مالك ويحك؟ قال: يا أمير المؤمنين، بالباب رجل أظنُّه من أهل الحجاز، عليه ثياب غلاظ مُشَمَّرة قال لي قولا أُجلُّ أمير المؤمنين أن أخاطبهُ به. قال: قل ويحك. قال: يقول: قل لأمير المؤمنين أبو محمد بالباب. فضحك عبد الملك، وقال: هو عُروة بن الزبير، إئذن له. فلمَّا دخل عليه رغب إليه في إنزال أخيه من الخشبة، فأسعفه وأكرمه ووصله.

وقال عليُّ بن مجاهد: قُتل مع ابن الزُّبير مئتان وأربعون رجلا، منهم من سال دمه في جوف الكعبة. وقال سفيان بن عُيينة: مكث عامر بن عبد الله بن الزبير بعد قتل أبيه حولا لا يسأل الله لنفسه شيئا إلا الدُّعاء لأبيه.

وولد عبدُ الله عبدَ الله، وكان أشبه القوم بأبيه، وخُبيبا، وبه كان يُكنى أيضا، ولا عقب له، وقيسا ولا عقب له، وعامرا، وعبادا، وحمزة، وثابتا، وموسى. ولهولاء الخمسة أعقاب، وأنجبوا. ويروى عن عامر وعباد وحمزة الحديث.

وكان عامر بن عبد الله من أعبد أهل زمانه. وكانت فيه غفلة. أتيي بعطائه وهو في المسجد، فقام ونسبه في موضعه، فلما سار إلى بيته ذكره، فقال: يا غلام إئتني بعطائي الذي نسيت في المسجد. قال له: وأين يوجد وقد دخل المسجد بعدك جماعة؟ قال: وبَقِيَ أحد أن يأخذ ما ليس له؟ وسُرقت نعله فلم

<<  <  ج: ص:  >  >>