للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له من الثواب. وأما الكآبة فلوعة يجدها الحميمُ عند فراق حميمه. وإذا والله ما نموتُ.

وجمع المصعب بين عَقيلتين لم يجمع بينهما شريف، وهما سُكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب وعائشة بنت طلحة بن عبيد الله. وكانتا في غاية من الشرف والجمال. وأخبار سُكينة أكثر من أن تُحصى. وكانت سُكينة تحت المصعب حين قتل. ولما كان يوم مَسكين وهرب أكثر الناس عن المصعب دخل إلى سُكينة بنة الحسين وكانت له شديدة المحبة، وكانت تُخفي ذلك عليه، فلبس غِلالة وتوشَّح عليها، وانتضى السيف. فلما رأت ذلك عَلِمت أنه عزم ألا يرجع فصاحت من ورائه: فالتفت إليها، فقال: أوهذا لي في قلبك؟ فقالت: أي والله وأكثر من هذا. فقال: أما لو علمت لكان لي ولك شأن. ثم خرج، فقال لأبنه عيسى: أنجُ إلى نجائك، فإن القوم لا حاجة بهم إلى غيري. فقال: يا أبتاه لا أحرِّف عنك والله أبدا، فقال له؛ وهي الحظوظُ، أما والله لئن فعلت ذلك لما زلت أعرف الكرم في أسرارك وأنت تَقلَّب في مَهدك. فقتل بين يدي أبيه ففي ذلك يقول شاعر أهل الشام من اليمامة:

نحن قتلنا مُصعباً وعيسى

وابنَ الزبير البطلَ الرئيسا

عَمْداً أذٌَْنا مُضَرَ التبئيسا

وقال رجل من أهل الشام يذمُّ رجلا:

فلو كانَ شَهْمَ النَّفس؟ أوذا حفيظةٍ ... رأى ما رأى في الموتِ عيسى بنُ صعبِ

ولما أرادت سُكينة بنت الحسين الرحيل من الكوفة بعد قتل زوجها المصعب حفَّ بها أهل الكوفة، وقالوا: أحسن الله صحابتك يابنة رسول الله. فقالت: لا

<<  <  ج: ص:  >  >>