ومن بني سَهم هشام بن العاصي بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم وهو أخو عمرو بن العاصي لأبيه. وكان هشام قديم الإسلام بمكة، وهاجر إلى أرض الحبشة، ثم قدم مكة حين بلغهُ مُهاجرُ النبيِّ عليه السلام إلى المدينة، فحبسه أبوه وقومه بمكة حتى قدم بعد الخندق على النبيِّ عليه السلام المدينة، وكان أصغر سناً من أخيه عمرو. وكان خيِّرا فاضلا. وسُئل عمرو بن العاصي: من أفضل أنت أ، أخوك هشام؟ فقال: أحدِّثكم عني وعنه: أمُّه بنت هشام بن المغيرة، وأمي سبيَّة. وكان أحبَّ إلى أبيه مني، وتعرفون فراسة الوالد في ولده. واستبقنا إلى الله فسبقني، أمسك عليَّ السِّترة حتى تطهَّرت وتحنَّطت، ثم أمسكت عليه حتى فعل مثل ذلك. ثم عرضنا أنفسنا على الله فَقبله وتركني.
واستشهد هشام بن العاصي بالشام يوم أجنادين في خلافة أبي بكر سنة ثلاث عشرة. وروى ابن المبارك عن أهل الشام أنه استشهد يوم اليرموك. وقال الواقديُّ: حدثنا عبد الملك بن وهب عن جعفر بن يَعيش، عن الزُّهريِّ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة قال: حدثني من حضر هشام بن العاصي ضرب رجلاً من بني غسان فأبدى سحرهُ. فكرَّت غسان على هشام فضربوه بأسيافهم حتى قتلوه، فلقد وطئته الخيل حتى كرَّ عليه عمرو، فجمع لحمه فدفنه.
وأخوه عمرو بن العاصي: أسلم في هدنة الحُديبية هو وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة، كما تقدم قبل. والصحيح أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلماً في صفر سنة ثمانٍ قبل الفتح بستة أشهر، ومعه خالد وعثمان المذكوران، ذكر ذلك الواقديُّ وغيره. وأمَّره رسول الله صلى الله عليه وسلم على سريَّة بعثها إلى ذات السلاسل من بلاد قُضاعة، فكتب إلى النبي عليه السلام من تلك الغزاة يستمدُّهّ، فأَمدَّه بجيش من مئتي فارس من المهاجرين والأنصار أهل الشرف فيهم أبو بكر وعمر، وأمَّر عليهم أبا عبيدة، وعهد إليه النبي عليه السلام:" إذا قدمت على عمرو فتطاوعا ولا تختلفا ". فلما بلغ أبو عبيدة عمراً