سلَّم إليه الإمرة حين خالفه عمرو، وصلَّى خلفه في الجيش كلِّه، وكانوا خمسمئة.
وولَّى رسول اللهُ صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاصي على عُمان فلم يزل عليها حتى قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان أحد أُمراء الأجناد بالشام. وعمل لعمر وعثمان. ولما قُت عثمان سار إلى معاوية باستجلاب معاوية له، وشهد صفين معه. وكان منه بصفِّين في التحكيم ما هو عند أهل العلم بأيام الناس معلوم. ثم ولاه مصر، فلم يزل عليها إلى أن مات بها أميراً عليها سنة ثلاث وأربعين. وكان له يوم مات تسعون سنةً، ودُفن بالمُقطَّم من ناحية الفج. وصلى عليه ابنه عبد الله، ثم رجع فصلى بالناس صلاة العيد.
وأمُّه النابغة بنت حرملة: سبيَّة من جلاَّن بن عنزة بن أسد بن ربيعة ابن نزار وكان من فرسان قريش وأبطالهم في الجاهلية، مذكورا بذلك فيهم. وكان شاعراً حسن الشعر. حُفظ عنه منه الكثير في مشاهد شتَّى. ومن شعره في أبيات له يخاطب بها عُمارة بن الوليد بن المغيرة عند النجاشي:
إذا المرء لم يترك طعاماً يحبُّهُ ... ولم يَنه قلباً غوياً حيثُ يمَّما
قضى وطراً منه وغادر سُبَّةً ... إذا ذُكرت أمثالها تملأُ الفما
وخبره مع عُمارة بأرض الحبشة مشهور؛ إذ سعى عمرو بعُمارة إلى النجَّاشيِّ أنه يخلفه إلى أهله، فأَمر به النجاشيُّ فسُحر، فهام مع الوحش وكان عمرو