أصحاب نصر بن أحمد وأنفذ رأسه إلى الحضرة ورأيته في سنة تسع وثلثمائة له قصيدة أولها:
ألا خل عينيك اللجوجين تدمعا ... لمؤلم خطب قد ألم فأوجعا
وليس عجيباً أن يدوم بكاهما ... وأن يمتري دمعيهما الوجد أجمعا
يقول فيها:
ولما نعاه الناعيان تبادرت ... عليه عيون الطالبين همعا
لقد غال منه الدهر ليث حفيظة ... وغيثاً إذا ما اغبرت الأرض ممرعا
بكته سيوف الهند لما فقدنه ... وآضت جياد الخيل حسرى وظلعا
وكان قديماً يرتع البيض في العلى ... فأصبح للبيض المباتر مرتعا
وما زال فراجاً لكل عظيمة ... يظل لها قلب الكمي مروعا
فلم ير إلا في المعالي مشمرا ... ولم يلف إلا في المعالي موضعا
أصيب به آل الرسول فأصبحوا ... خضوعاً وأمسى شعبهم متصدعا
لقد عاش محموداً كريماً فعاله ... ومات شهيداً يوم ولى فودعا
فقد ثلم الدهر العلاء بموته ... وأوهن ركن المجد حتى تضعضعا
فلا حملت بعد ليلى عقيلة ... ولا أرضعت أم يد الدهر مرضعا
محمد بن أبي الأزهر واسمه مزيد يكنى أبا بكر أحد الأدباء الشعراء وكان يستملي لأبي العباس المبرد وأنشدني لنفسه:
لا تبع لذة يوم لغد ... وبع الغي بتعجيل الرشد
إنها إن أخرت عن وقتها ... باختداع النفس منها لم تعد
فاشتغل بها عن شغلها ... لا تفكر في حميم وولد
أو ما خبرت عما قيل في ... مثل باق على مر الأبد
إنما دنياي نفسي فإذا ... تلفت نفسي فلا عاش أحد
المفجع البصري أبو عبد الله محمد بن أحمد الكاتب لقب المفجع ببيت قاله. وهو شاعر مكثر عالم أديب صاحب كتاب الترجمان وغيره توفي في سنة قبل الثلاثين وثلثمائة. وهو القائل في أبي الحسن محمد بن عبد الوهاب الزينبي الهاشمي يمدحه:
للزينبي على جلالة قدره ... خلق لطعم الماء غير مزند
وشهامة تقص الليوث إذا سطا ... وندى يغرق كل بحر مزبد
يحتل بيتاً في ذؤابة هاسم طالت دعائمه محل الفرقد