«ولم يجد أصحاب الاستقراء التام في هذا الصدد غير هذين الحديثين من رواية أبي حنيفة عن مالك، وكلاهما غير ثابت بهذا الطريق، وإن أخرجهما السيوطي وعول عليهما، في «الأفانيد في حلاوة الأسانيد».
«بل الأولى عن حماد بن أبي حنيفة، عن مالك بدون توسط أبيه، كما أخرج أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار في جزئه الذي سماه «ما رواه الأكابر عن مالك» حيث قال: حدثنا أبو محمد القاسم بن هارون، ثنا عمران، ثنا بكار بن الحسن الأصبهاني، ثنا حماد بن أبي حنيفة، ثنا مالك بن أنس، الحديث».
«وفي هذا الجزء رواية الزهري، ويحيى بن سعيد، وابن جريج، والثوري، وشعبة، ويتيم عروة، والأوزاعي، وحماد بن أبي حنيفة، وحماد بن زيد، وإبراهيم بن طهمان، وورقاء، وغيرهم، عن مالك، ولم يذكر فيه رواية أبي حنيفة عنه، كما رأيته في نسخة عليها طباق السماع في الخزانة الظاهرية بدمشق، فزيادة أبي حنيفة في السند وهم من الراوي».
والثاني إلى أبي حنيفة، عن عبد الملك، وهو ابن عمير، عن نافع، فتصحف على ابن الصلت: عبد الملك بمالك، وخالف بقية أصحاب العرني، كما يظهر من طرق الحديث. ومن هنا قال الحافظ ابن حجر: لم تثبت رواية أبي حنيفة عن مالك، وإنما أوردها الدارقطني ثم الخطيب لروايتين وقعتا لهما بإسناد فيه فيهما مقال.
وقد توفي أبو حنيفة قبل مالك بنحو ثلاثين سنة.
نعم ثبت نظر مالك في كتب أبي حنيفة، وانتفاعه بها، كما رواه الدراوردي وغيره على ما أخرجه ابن أبي العوام حيث قال: حدثني يوسف بن أحمد المكي، ثنا محمد بن حازم الفقيه، ثنا محمد بن علي الصائغ بمكة، ثنا إبراهيم بن محمد، عن الشافعي، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، قال: كان مالك بن أنس ينظر في كتب أبي حنيفة وينتفع بها.