كما ثبت اجتماع مالك مع أبي حنيفة كلما حج وزار النبي عليه السلام، حتى قال أبو حنيفة لما سئل عن علماء المدينة: إن ينجب منهم فالغلام الأشقر الأزرق.
وفي الرواية: رأيت بها علماً مبثوثاً، فإن يجمعه أحد فالغلام الأبيض المحمر، يريد مالكاً. كما في «انتصار الفقير السالك للإمام الكبير مالك» لمحمد بن إسماعيل الغرناطي ثم القاهري المالكي، وقد طبع حديثاً سنة ١٩٨١ في بيروت.
وقد أخرج القاضي عياض قال الليث بن سعد: لقيت مالكاً في المدينة فقلت له: إني أراك تمسح العرق عن جبينك، قال: عرقت مع أبي حنيفة، إنه لفقيه يا مصري، ثم لقيت أبا حنيفة وقلت له: ما أحسن قول ذلك الرجل فيك، فقال أبو حنيفة: والله ما رأيت أسرع منه بجواب صادق، ونقد تام يعني مالكاً. اهـ.
وأما ما يذكره الذهبي من أن سعيد بن أبي مريم روى عن أشهب أنه قال: رأيت أبا حنيفة بين يدي مالك كالصبي بين يدي أبيه. قلت: فهذا يدل على حسن أدب أبي حنيفة وتواضعه، مع كونه أسن من مالك. اهـ. فلا يكاد يصح إسناداً.
وكان أشهب لدة الشافعي، أو كان على أكبر تقدير ابن عشر عند وفاة أبي حنيفة، ولم يثبت اجتماعه مع مالك في أواخر سني وفاة أبي حنيفة، وما كان مالك مؤدب الأطفال، وإنما كان اجتماعهما قبل محنة مالك سنة ست وأربعين، وقبل أن يأخذ يعلو شأنه، ويمكن ذلك مع حماد دون أبيه.