أما موطأ مالك فقد أخذ وقتاً أطول، والموطأ الذي هو في أيدينا من رواية يحيى بن يحيى الليثي في الواقع ما وصل إلى الشكل النهائي الموجود في أيدينا إلا في حدود عام ٢٧٠ هـ، نعم، قد يكون فيه بعض المواد من أيام مالك بن أنس، ولكنه تراث مدرسي ملك للمدرسة الفقهية المالكية، وعلى هذا الأساس الأجيال التالية اشتركت في إضافة المواد الضرورية أو الأحاديث التي وضعت في تلك الفترة للدفاع عن الوجهة المالكية أو الرد على خصومها.
بعد هذا «الاكتشاف الخطير» تحدث الأستاذ كلدر عن المصادر اليهودية التي أثرت وأمدت المدارس الفقهية الإسلامية في نشأتها وتطورها.
نظراً لما لهذا الكلام مساس بالموطأ، وأن هذه الدراسة حول الموطأ فأرى لزاماً أن أتطرق إلى ما كتبه كلدر بخصوص ادعائه أن الموطأ الموجود حالياً في أيدينا ليس من تأليف الإمام مالك رحمه الله، أما إعارة المسلمين في فقههم الإسلامي من اليهود والمصادر اليهودية فلا أتطرق إليها الآن.
رفض الأستاذ كلدر منهج البحث الذي يستخدمه علماء المسلمين لصحة إثبات نسبة الكتاب إلى المؤلف، بل ادعى أنه يخضع بحثه هذا لمنهج تاريخي لا ديني أو علماني حسبما يترجم المصطلح للبحث عن القضايا التاريخية، والمسلمون مدعوون للمشاركة في هذا النوع من البحث والحوار.
لإثبات ما توصل إليه من النتائج، بحث كلدر عن الكلب وأثره في طهارة الماء، ولهذا الغرض اختار من المدونة باب «الوضوء بسؤر الدواب والدجاج والكلاب» ثم ترجم النص الآتي إلى اللغة الإنجليزية مع إضافة اسم ابن القاسم بين المعكوفتين:
«قال: وسألت مالكاً عن سؤر الحمار والبغل، فقال: لا بأس به.
قلت أرأيت إن أصاب غيره؟ قال: هو وغيره سواء.
وقال مالك: لا بأس بعرق البرذون والبغل والحمار.
قال، وقال مالك: في الإناء يكون فيه الماء يلغ فيه الكلب؟