سبق له من الله السوء. فلا تغتر بها، وعليك بالأمر الأول، وهو الدين العتيق، الذي جاء به الكتاب والسنة، وفهمه السلف الصالح، وما كان سوى ذلك فلا تلتف إليه.
قال المصنف ﵀:
تأمل كلام أبي العالية -رحمه الله تعالى- هذا، ما أجله! واعرف زمانه الذي يحذِّر فيه من الأهواء التي من اتبعها فقد رغب عن الإسلام، وتفسير الإسلام بالسنة، وخوفه على أعلام التابعين وعلمائهم من الخروج عن السنة والكتاب، يتبين لك معنى قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة: ١٣١] وقوله تعالى: ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: ١٣٢] وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ [البقرة: ١٣٠]، وأشباه هذه الأصول الكبار التي هي أصل الأصول، والناس عنها في غفلة، وبمعرفته يتبين معاني الأحاديث في هذا الباب وأمثالها.
وأما الإنسان الذي يقرؤها، وأشباهها، وهو آمن مطمئن أنَّها لا تناله، ويظنها في قوم كانوا، فبانوا، ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [الأعراف: ٩٩].
[الشرح]
نبِّه المصنف ﵀ على ما تضمنه كلام أبي العالية ﵀ من وصايا وعظات للرعيل الأول من التابعين، فكيف بمن بعدهم! ولفت النظر إلى مسألة مهمة؛ وهي أنَّ من الناس من لا يكترث بأمر التوحيد، ولا يخاف من الشرك،